السبت، 18 فبراير 2012

بلوغ المرام أحكام الطهارة 2

- وَعَنِ ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( أُحِلَّتْ لَنَا مَيْتَتَانِ وَدَمَانِ, فَأَمَّا الْمَيْتَتَانِ: فَالجَرَادُ وَالحُوتُ, وَأَمَّا الدَّمَانِ: فَالطِّحَالُ وَالكَبِدُ ) أَخرَجَهُ أَحْمَدُ وابنُ مَاجَه وَفِيهِ ضَعفُ [1]
14- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي الله عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وسلم  ( إِذَا وَقَعَ الذُّبَابُ في شَرَابِ أَحَدِكُمْ فَلْيَغْمِسْهُ, ثُمَّ لْيَنْزَعْهُ, فَإنَّ في أَحَدِ جَنَاحَيْهِ دَاءً, وفي الآخَرِ شِفَاءً)  أخْرَجَهُ البُخَارِيُّ ، وأُبُو دَاودَ وَزاد:  ( وَإِنَّهُ يَتَّقِي بِجَنَاحِهِ الَّذِي فِيهِ الدَّاءُ) [2] . 
15- وَعَنْ أَبِي وَاقِدٍ اللَّيْثِي رضي الله عنه قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  ( مَا قُطِعَ مِنَ الْبَهِيمَةِ -وَهِيَ حَيَّةٌ- فَهْوَ مَيْتٌ  ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالتِّرمِذيُّ وَحَسَّنَهُ, واللَّفْظُ لَهُ [3]. 
(2) بابُ الآنِيَةِ
16- عَنْ حُذَيفَةَ بنِ اليَمَانِ رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم : ( لا تَشْرَبُوا في آنِيةِ الذَّهَبِ وَالفِضَّةِ، وَلا تَأْكُلُوا في صِحَافِهِمَا، فَإِنَّهَا لَهُم في الدُّنْيَا، وَلَكُمْ في الآخِرَةِ  )  مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [4]. 
17- وَعَنْ أُم سَلَمَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالت: قَال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  ( الذِي يَشْرَبُ في إِنَاءِ الفِضَّةِ إِنَّمَا يُجَرْجِرُ في بَطْنِهِ نَارَ جَهّنَّمَ  )  مُتَّفَقٌ عَليهِ .
23- وَعَنْ أَنَسِ بنِ مَالكٍ رضي الله عنهُ  : ( أَنَّ قَدَحَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم انْكَسَرَ، فَاتَّخَذَ مَكاَنَ الشَّعْبِ سِلْسِلَةً مِن فِضَّةٍ) أَخْرَجَهُ البُخَارِيُّ [5]. 
18- وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ : قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم  : ( إِذَا دُبِغَ الإهَابُ فَقَدْ طَهُرَ  ) أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ   . وَعندَ الأرْبَعَةِ:  ( أَيُّمَا إِهَاٍب دُبِغَ فَقَدْ طَهُرَ ) [6]. 
19- وَعَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْمُحَبِّقِ رضي الله عنه قالَ: قالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم  : ( ( دِبَاغُ جُلُودِ الْمَيْتَةِ طُهُورُهَا  )  صَحَّحَهُ ابنُ حِبَّانَ [7]  . 
20- وعنْ مَيْمُونَةَ رضي الله عنهَا قَالت :  مَرَّ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم بِشَاةٍ يَجُرُّونَهَا، فَقالَ: ( لَوْ أَخَذْتُمْ إِهَابَهَا؟ فَقَالوا: إَنَّها مَيْتَةٌ، فَقَالَ: يُطّهِّرُهَا المَاءُ والقَرَظُ ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ، والنَّسَائِيُّ [8]. 
21- وَعَنْ أَبِي ثَعْلَبَةَ الخُشَنِيِّ رَضِيَ اللهُ عنهُ قَالَ: ( قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّا بِأْرْضِ قَوْمٍ أَهْلِ كِتَابٍ، أَفَنَأْكُلُ فِي آنِيَتِهِمْ؟قَالَ: "لا تَأْكُلُوا فِيها، إلا أنْ لا تَجِدُوا غَيْرَهَا، فَاغْسِلُوهَا، وَكُلُوا فِيهَا" ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [9] . 
22- وَعَنْ عِمرَانَ بْنِ حُصَينٍ رَضِيَ اللهُ عنهُ : ( أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ تَوَضَّئُوا مِنْ مَزَادَةِ امْرَأَةٍ مُشرِكَةٍ ) مُتَّفَقٌ عَلَيهِ، في حَدِيثٍ طَويلٍ [10]. 
(3) باب إزالة النجاسة وبيانها [11]
24- عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:  ( سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عَنِ الْخَمْرِ تُتَّخَذُ خَلاً? قَالَ: "لا" )  أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ والتِّرْمِذِيٌّ وقال حَسَنٌ صَحِيحٌ [12] . 
25- وَعَنْهُ رضي الله عنه قَالَ:  لَمَّا كَانَ يَوْمُ خَيْبَرَ أَمَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَبَا طَلْحَةَ, فَنَادَى: "إِنَّ اللهَ وَرسُولَهُ يَنْهَيَانِكُمْ عَنْ لُحُومِ الْحُمُرِ الأهْلِيَّةِ  فِإِنَّهَا رِجْسٌ"  مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [13]. 
26- وَعَنْ عَمْرِو بنِ خَارِجَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:  ( خَطَبَنَا رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِمِنىً وَهُو عَلى رَاحِلَتِهِ, وَلُعَابُهَا يَسِيلُ عِلى كَتِفِي )   أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وِصَحَّحَهُ [14] . 
27- وَعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا قَالتْ: ( كَانَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وَسلم يَغْسِلُ الْمَنِيَّ , ثُمَّ يَخْرُجُ إِلى الصَّلاةِ في ذَلكَ الثَّوْبِ, وَأَنَا أَنْظُرُ إِلى أَثَرِ الْغَسْلِ فِيهِ  ) متفق عليه [15].
28- وَلِمُسْلِمٍ:  ( لَقَدْ كُنْتُ أَفْرُكُهُ مِنْ ثَوْبِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَرْكاُ, فَيُصَلِّي فِيهِ  ) .
وَفي لَفْظٍ لَهُ:  ( لَقَدْ كُنْتُ أَحُكُّهُ يَابِساً بِظُفْرِي مِنْ ثَوْبِهِ ) [16]  . 
29- وَعَنْ أَبِي السَّمْحِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم  : ( يُغْسَلُ مِنْ بَوْلِ الْجَارِيَةِ, وَيُرَشُّ


[1] 1- درجة الحديث : ضعيف ، ولكن يصح عن ابن عمر موقوفاً ، والموقوف له حكم الرفع كما قال البيهقي ، لأن قول الصحابي ( أحل لنا كذا ، وحرم علينا كذا ) ،  ينصرف إلى إحلال النبي صلى الله عليه وسلم وتحريمه  فيتم الإحتجاج ، وكذلك يشهد للحديث أدلة أخرى من القرآن والسنة ، لأنّ حل حيتان البحر دلّ عليه الحديث السابق : ( هو الطَّهُوُر ماؤُهُ الحِلُّ ميتته ) ، وفال تعالى : ( أُحِلَّ لَكُمْ صَيْدُ الْبَحْرِ وَطَعَامُهُ مَتَاعاً لَكُمْ وَلِلسَّيَّارَةِ)(المائدة: 96) ، وأما الجراد فدّل الحديث الصحيح : قال ابن أبي أوفى : ( غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ستَّ غزوات أو سبع غزوات نأكل الجراد ) أخرجه البخاري ومسلم .
2- أُجِلَّ لنا : معناه أنّ الشارع أذن لنا وأباح لنا ما ذُكِرَ في الحديث .  ميْتَتَان : مفردها ميتة بالتخفيف ، وأما التشديد فهي التي لم يلحقها زكاة مما مات حتف أنفه  أو ذكي ذكاة غير شرعية.
دمان : المراد به الكبد والطحال  . الجراد : هي فصيلة من فصائل الحشرات الشائعة ، وهو الجراد المعروف ، واحده جرادة يقع على الذكر والأنثى ، وليس الجراد بذَكَر الجرادة ، إنما هو اسم جنس ، كالبقرة والبقر ، والحمام والحمامة .  الحوت : جمعه حيتان وهي السمكة صغيرة كانت أو كبيرة ، وأيضاً كل الحيوانات التي لا تعيش إلا في البحر .
3- الحديث دليل على تحريم الدم المسفوح ، وهو الدم الذي يشخب من أوداج المذكاة وقت الذبح ، فهذا نجس ، أما الدم المتبقي في اللحم وفي العروق فهو معفوٌّ عنه . وكذلك دليل على تحريم الميتة وهي ما ماتت حتف أنفها أو ذكيت تذكية غير مشروعة ، وشروط الذكاة الشرعية : أهلية المذكي بأن يكون مسلم أوكتابياً ، الآلة ، وأن يقطع ما أُمر بقطعه الوجدان والحلقوم أو المريء ، وأن يذكر اسم الله عليها ،  قال تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ)(المائدة: 3 ) ، وقال تعالى : ( قُلْ لا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً عَلَى طَاعِمٍ يَطْعَمُهُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَماً مَسْفُوحاً أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ )(الأنعام: 145) .
4- دم الكبد والطحال طاهران مباحان ، وميتة الجراد والحوت طاهرة وحلال ، فالجراد والحوت لا يحتاجان إلى ذكاة ، ومعنى ميتة الجراد والحوت هو أن يموت حتف أنفه بأي سبب من أسباب الموت ، أما ما مات بشيء من المبيدات السامة ، فهذا يحرم لما فيه من السم القاتل المحرم ، وهذا الحديث يكون مخصصاً لعموم تحريم الميتة والدم في الآيات الآنفة الذكر .
4- الحديث دليل على أن السمك والجراد إذا ماتا في ماء فإنه لا ينجس قليلاً كان الماء أو كثيراً ، ولو تغير طعمه أو لونه أو ريحه ، فإنه لم يتغير بالنجاسة ، وإنما تغير بشيء طاهر ، وهذا وجه سياق الحديث في باب المياه ، بخلاف ما إذا مات في الماء حيوان بري كالغنم ، فإنه إذا مات فيه ينجسه .
5- سؤال : أذكر نص الحديث ومن أخرجه من المحدثين : حِل الطحال والكبد ؟
[2] 1- درجة الحديث : الحديث رواه البخاري ، زيادة أبي داود صححها الألباني في صحيح أبي داود .
2- مفردات الحديث : الذباب : معروف وسمِّي ذباباً لأنه كلما ذبّ لاستقذاره آب . في شراب أحدكم : كلمة أحدكم لا تقييد فيها ، يعني إذا وقع الذباب في أي شراب ، إن كان لمالكه أو لغيره فالخطاب عام . 
3- الحديث دليل على طهارة الذباب في حال حياته ومماته ، وأنه لا ينجس ما وقع فيه من سائل أو جامد ، وهذا هو السبب الذي ساق المصنف من أجله في باب المياه ، ويستحب غمسه كله فيما وقع فيه من سائل ، ثم نزعه وإخراجه والانتفاع بما وقع فيه ، فإن كان الإنسان يكرهه فليتركه لغيره ، وإن كان وقع فيه جامداً ألقاه وما حوله ، لعدم سريان مضرته في بقية أجزاء الجامد . وأن في أحد جناحي الذباب داء أي سم ، وفي الجناح الآخر شفاء يعني مضاداً لهذا السم ، فإذا وقع الذباب في مكروه فإنه يدافع بالسم فيجعله كالسلاح فيرفع الجناح الذي فيه الشفاء ، ويغمس في الشراب الجناح الذي فيه الداء ، ولذا أمر الشارع أن يغمس جناحه الذي فيه الشفاء حتى يُقابل داؤُه بدوائه ، فيسلمُ الشرابُ من ضرره ثم بعد ذلك يستعمل الشراب في جميع حاجات المرء من شراب ووضوءٍ وغير ذلك ، أما إراقته ففيها إضاعة مال وإفساد .
4- في الحديث إعجاز علمي ، فقد جاء العلم الحديث فأثبت وجود داء ضار في أحد جناحي الذباب ، بينما أثبت وجود دواء مضاد له في الجناح الآخر ، وهذا يرد على بعض الكُتَّاب الجهلة الذين هم من صنيع المستشرقين الذي طعنوا في هذا الحديث وفي راويه أبي هريرة ، ومن هؤلاء محنمود أبورية في كتابه أضواء على السنة المحمدية ، ولا يزال من أفراخ هؤلاء من يكتب في وقتنا الحاضر إما في المجلات وإما في تأليف الكتب ، ممن يسمون بالعقلانيين من مدرسة محمد عبده وغيره ، ومنهم المفكر السوداني الذي قال : " آخذ برأي الطبيب الكافر ، ولا آخذ بقول النبي صلى الله عليه وسلم ، ولا أجد في ذلك حرج البتة " ، فالواجب التصدي لأمثال هؤلاء .
5- قاس العلماء على طهارة الذباب كل ما ليس له نفس سائلة من الحشرات ، فحكموا بطهارتها وأنها لا تنجس إذا ماتت في الماء أو الشراب أو الطعام قليلاً كان أو كثيراً ، ذلك أنّ سبب التنجس هو الدم المحتقن في الحيوان بعد موته ، وهذا السبب غير موجود فيما ليس له دم سائلة كالنحلة والزنبور والبعوضة والخنافس وأمثال ذلك .
6- سؤال : أذكر نص الحديث ومن أخرجه من المحدثين :  الذباب طاهر حياً وميتاً ؟  
[3] 1- درجة الحديث : الحديث حسن ، ورواه أبضاً أحمد والحاكم وصححه ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
2- ترجمة راوي الحديث : أبو واقد الليثي ،  صحابي هذه كنيته واسمه الحارث بن عوف ، منسوب إلى بني عامر بن ليث ،  نسبة إلى قبيلته ، أسلم قديماً ، قيل أنه شهد بدراً ، جاور بمكة وتوفى بها سنة 65هـ أو 68 هـ ، ودفن بفنج .
3- مفردات الحديث : البهيمة : يراد بها ذوات الأربع ، وهي على قسمين : بهيمة الأنعام وهي الإبل والبقر والغنم ، قال تعالى : ( أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ )(المائدة: 1) ، وغيرها يقال له بهيمة كالحمار والكلب ، وسميت بهائم لأنها لا تنطق . فهو مبت : يعني فهو حرام ، لأن الله حرم الميتة ، قال تعالى : ( حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ )(المائدة: 3) .
4- والحديث له سبب ، عن أبي واقد الليثي قال : (  قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى المدينة والناس يجبون أسنمة الإبل ويقطعون أليات الغنم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ... ) فذكر الحديث .
5- الحديث دليل على أنّ ما قطع من بهيمة الأنعام مع بقاء حياتها ، هو نجس حرام الأكل ، له حكم سائر النجاسات في تنجيس الماء وغيره ، لأنه من الميتة التي حرمها الله في كتابه ، وهذا هو السبب الذي ساق المصنف الحديث من أجله في باب المياه ،  ويستثنى من ذلك ثلاثة : ما قطع من السمك والحيتان ، وما قطع من الطريدة في الصيد ثم أدرك الصيد وأخذه أو ذكّاه ، وما سقط من الغزال من المسك بوعائه فهو حلال ولا يكون ميتة .
6- في الحديث دليل على النهي عن تعذيب الحيوان ، لأن قطع شيء منها وهي حية تعذيب لها ، وهذا لا يجوز ، وقد أمر الشارع بالرفق بالحيوان والإحسان إليه حتى عند الذبح ، قال صلى الله عليه وسلم : ( إنّ الله كتب الإحسان على كلِّ شيء ، فإذا ذبحتم فأحسنوا الذِّبحة ، وإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلة ، ولْيُحدَّ أحدُكم شفرته ، ولْيُرِحْ ذبيحته ) أخرجه مسلم ، هذا إذا كانت الشاة سوف تذبح  فإننا مأمورن بأن نحسن ذبحها ولا نعذبها ، فكيف إذا كانت على قيد الحياة .
7- الأحاديث الثلاثة المتقدمة حقُّها أن تُوردُ في كتاب الأطعمةِ ، ولكن جاء بها المؤلفُ هنا لبيان طهارةِ الماء الذي يقعُ فيه الحوتُ والجرادُ والذبابُ ، وأنه ليس بنجسٍ ، وأنّ ما قطع من البهيمةِ وهي حيةٌ فهو ميْتٌ ينجِّسُ الماءَ الذي يقعُ فيه إذا تغيرَ كما تُنجِّسهُ الميتةُ .
8- سؤال : ما حكم الماء في ما يلي : وقع فيه الذباب ، وقعت فيه ما قطع من البهيمة وهي حية ، وقع فيه الجراد ؟
(2) بابُ الآنِيَةِ
[4] 1-الآنية : جمع إناء ، وجمع الآنية أوان ، وهي الأوعية ، والآنية هي ما يستعمل وعاءً للطعام والشراب وغير ذلك ، والأواني تكون من الحديد والنحاس والصُّفْر والخزف والخشب والجلود ، وغير ذلك ولو كان ثميناً الجواهر والزمرد . ومناسبة ذكر باب الآنية هنا في كتاب الطهارة ، أنه لما كانت الطهارة بالماء ، والماء سيال لا بد له من وعاء ، ناسب بيان أحكام الآنية بعده ، لأن الشرع أذن في استعمال بعض الأواني ونهى عن بعضها فيكون المتطهر على معرفة وتمييز بين الجائز والممنوع منها .
2- والأصل في الأواني الإباحة والحلُّ ، إلا ما دلّ الدليل عى تحريمه ، أو كان نجساً .  فكلُّ شيءٍ خلُق لنا لنستعينَ به على طاعةٍ  فهو حلال ، قال تعالى : ( هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً )(البقرة: 29) ، ( وَسَخَّرَ لَكُمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً مِنْهُ)(الجاثـية: 13) ،  فهذا أصل عظيم يفيد أن ما في هذه الحياة من العادات والمعاملات والمخترعات ، وما يجري استعماله من الملابس والفرش والأواني وغير ذلك الأصل فيه الإباحة المطلقة ، ومن حرّم شيئاً منها لم يحرمه الله فهو مبتدع ، وعليه الدليل .
3- أما العبادات فالأصل فيها الحظرُ والمنعُ لأنها توقيفية ، والأصل في الأبضاعِ الحظرُ والتحريم ، والأصل في الذبائح التحريم ، والأصلُ في البيوعِ الحل والإباحة .
4- وسبب الحديث عن عبدالرحمن بن ليلى قال : إنهم كانوا عند حذيفة فاستسقى ، فسقاه مجوسي ، فلما وضع القدح في يده رماه به ، وقال : لو لا أني نهيته غير مرة ولا مرتين ! ، لكني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : ( لا تلبس الحرير ولا الديباج ، ولا تشربوا ..) وذكر الحديث .
5- ترجمة راوي الحديث : حذيفة بن اليمان : صحابي ابن صحابي ، اشتهر بكونه صاحب سرّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قُتل أبوهُ في أحُدٍ من بعض المسلمين خطأ ، مات بالمدائن سنة 35 أو 36 هـ ، بعد مقتل عثمان بأربعين ليلة .
6- مفردات الحديث : لا تشربوا ولا تأكلوا : لا ناهية ، والنهي عند الأصوليين قول يتضمن طلب الكف بصيغة مخصوصة ، هي المضارع المقرون بلا الناهية . صِحافهما : جمع صَحْفَة ، وهي إناء من آنية الطعام وهي دون الجفنة . فإنها لهم في الدنيا :  يعني الكفار .
7- في الحديث دليل على النهي عن الأكل والشرب في آنية الذهب والفضة ، والوعيد لمن خالف هذا النهي فإنهم يحرمون منها في الآخرة ، والنهي يقتضي التحريم والمنع ، سواء أكانت ذهباً خالصاً أو فضاً خالصة ، أو كان فيه شيء من الذهب والفضة بأن يكون مموهاً أي عليه من الذهب والفضة  لون خفيف وهو لمعانهما أو مطلياً أي الذي يكون عليه طبقة ، أو مضبباً ،  وأن الحكم عام في حق الرجال والنساء ، والنهي في الأكل والشرب يعم استعمالهما لأي منفعة أخرى مثل تحريم استعمالهما في الطهارة  الوضوء والغسل ، و إتخاذهما أواني زينة وتحفاً ، وفي أدوات الكيل والوزن والكتابة .
8- ليس في الحديث إباحة استعمال أواني الذهب للكفار في الدنيا ، وإنما المقصود بيان حالهم وما هم بأنهم يأكلون ويشربون فيها ، لأنهم كفار وليس بعد الكفر ذنب ، فالكفار مخاطبون ومعذّبون على أصول الشريعة وفروعها وعلى أوامرها ونواهيها ، أما المسلمون فإنهم يتمتعون باستعمالها في الآخرة ، جزاء لهم على تركها في الدنيا ، قال تعالى : ( يُطَافُ عَلَيْهِمْ بِصِحَافٍ مِنْ ذَهَبٍ وَأَكْوَابٍ)(الزخرف: 71)
9- سؤال : الأصل في الأواني الإباحة إلا ما استثنى الدليل ، بيِّن ذلك مع الدليل ؟ وما مناسبة ذكر باب الآنية هنا في كتاب الطهارة ؟ .
[5] 1- ترجمة راوي الحديث :  أم سلمة  هي أم المؤمنين زوج النبي صلى الله عليه وسلم واسمها هند بنت أبي أمية ، كانت تحت أبي سلمة ، وهاجرت معه إلى الحبشة ، ثم عاد إلى المدينة ، ولما توفي أبو سلمة لانتقاض جرح أصابه في أحد تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم في شوال سنة 4 هـ ، توفيت سنة 59 هـ ، وقيل 62 هـ ، ولها 84 سنة ، ودفنت بالبقيع .
2- مفردات الحديث :  يُجَرْجِرُ : الجرجرة صوت وقوع الماء في جوف البعير ، شبَّه نزول العذاب في بطن الشارب بإناء الفضة بهذا الصوت المخفيف  . جهنم : من الجهومة وهي الغلظة ، وهي اسم من أسماء النار ، وسميت جهنم لبعد قهرها ، والنار لها اسماء كثيرة سميت بها لشدتها وعذابها منها سقر والسعير والهاوية والقارعة والحطمة ، فالنار دركاتٌ نازلة ، أما الجنة فإنها درجات عالية بعضها فوق بعض بين كل درجتين كما بين السماء والأرض .
3- في الحديث دليل على النهي عن الأكل والشرب في آنية الفضة ، ومثله الذهب وأولى ، والوعيد الشديد على الشارب في إناء الفضة ومثله الذهب ، بأن الله سيحول هذا الشراب في الدنيا يحوله إلى ناراً يوم القيامة ، كما قال تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْماً إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَاراً وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيراً) (النساء:10) ، ومعناه أنّ هذا الذي أكلوه في الدنيا من الحرام يحول ناراً يوم القيامة في بطونهم .
4- واختلف في العلة التي من أجلها حرّم استعمال الذهب والفضة ، فقال بعضهم : هي الفخر والخيلاء التي يترتب عليها كسر قلوب الفقراء ، وقال بعضهم : العلة هي كونها نقدين جُعلا لمصالح الناس كالبيع والشراء وقيم الأشياء ، فاتخاذهما أواني كان في ذلك كسراً للعملة مما يسبب قلة النقود في أيدي الناس وتعطيل لقيم الحاجات والضرورات بدون وجود مصلحة راجحة ، وقيل منافاة العبودية لله تعالى 
5- قَدَح : إناء يشرب به الماء ونحوه ، وجمعه أقداح . الشَّعْبِ : الصدع والشق . سِلْسِلَةً : بكسر السينين الحبل المكون من حلقات متصلة ، سواء أكانت من حديد أو من غيره ، قال تعالى : ( ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُهَا سَبْعُونَ ذِرَاعاً فَاسْلُكُوهُ) (الحاقة:32) ، معناه أنه تدخلُ والعياذ بالله مع فمه وتُخرجُ مع دبره ، وبفتحهما إيصال الشيء بالشيء ، يعني الخياطة أي أخاط هذا الشعب بسلك من فضة حتى التأم وصلح للإستعمال .
6- جواز إصلاح الإناء المنكسر بأربعة شروط : أن تكون ضبة ، وأن تكون يسيرة ، وأن تكون من فضة لا من ذهب ، وأن تكون لحاجة لا يقصد بها الزينة وتجميل الإناء .
7- يباح للنساء من حلي الذهب والفضة ما جرت عادتهن بلبسه ولو كثر لحاجتها لذلك ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( أُحِلَّ الذهب والحرير لإناث أمتي ، وحُرِّم على ذكورها ) ،  ويباح للرجل خاتم من فضة لا من ذهب  لما روي عن النبي صلى الله عليه وسلم ( أنّ خاتمه كان من فضة ) أخرجه البخار ي ومسلم  ، وبياح تحلية السلاح والأسنان واتخاذ انف ما دعت إليه الحاجة ، ولا يجوز للذكور كباراً وصغاراً ليس الذهب أو الفضة ولا جعله سلاسل أو ساعات أو أزارير أو رباط كبك أو قلماً أو غير ذلك .
8- سؤال : أذكر ما يسفاد من أحاديث الآنية الثلاثة ؟ . 
[6] 1- درجة الحديث : صحيح ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ، وهم الحافظ رحمه الله في قوله " وعند الأربعة " وذلك لأن أبا داود لم يروا الحديث بهذا اللفظ ، وإنما لفظه كلفظ مسلم .
2- دُبِغَ : معالجة الجلد بشيء من المواد والأدوية مثل القرظ والإرطاء وقشر الرمان حتى ينشف ما فيه من الرطوبات والفضلات ، وإزالة ما يوجب نتنه وفساده ، ويصلح للإستعمال ، لأن جلد الحيوان تحله الحياة ويكون فيه شيء من المياه والرطوبات . الإهاب : هو جلد الحيوان قبل أن يدبغ . طهر : صار طاهراً من النجاسة ، لأنه جلد ميتة . أيّما : أداة شرط تفيد العموم .
[7] 1- درجة الحديث : الحديث صحيح ، وصححه الألباني في صحيح الجامع  ، وأخرجه أحمد وأبوداود والنسائي والبيهقي ، وصححه ابن حبان ، وإن وهم فيه الحافظ ، إذ عزو هذا اللفظ لابن حبان من رواية ابن المحبق ليس بصواب ، وإنما هو لفظ حديث عائشة.
2- ترجمة راوي الحديث : سلمة بن المحبق : كنيته أبو سنان صحابي يعد في البصريين ، من هذيل ، روى عنه الحسن البصري وغيره .
3- مفردات الحديث :  الميتة : الحيوان الذي مات حتف أنفه ، أو مات على هيئة غير مشروعة بأن تكون ذبحت ذبحاً لكن لم تتوفر فيه شروط الذكاة الشرعية .
[8] 1- درجة الحديث : صحيح ، صححه الألباني في صحيح أبي داود ، وله ما يشهد له .
2- مفردات الحديث : شاة : الواحدة من الضأن والعز ، يقال للذكر والأنثى ، والجمع شاه وشياه . يجرُّونها : يبعدونها عن مساكنهم ، لأنها قذرة ومؤذية لئلا يتأذوا منها . هلاَّ أخذتم إهابها : هلا أداة حض ، هلا أخذتم جلدها قبل أن تجروها . يطهرها الماء والقَرَظ : يعني أنّ جلدها يطهرها الماء والقرظ ، والقرظ حبُّ شَجَر السَّلَم ، يدبغ بحبه الأديم ، وكان الدبغ معروفاً بالقرظ عند العرب .
3- ما يؤخذ من الأحاديث الثلاثة حديث ابن عباس بروايتيه وحديث سلمة وحديث ميمونة ، حيث موضوعهم واحد هو حكم الإنتفاع بجلود الميتة وشرط ذلك : حديث ابن عباس عمومه يدل على أنّ أي إهاب دبغ فقد طهر بدون استثناء  ، من حيوان طاهر في الحياة كبهيمة الأنعام مما يؤكل لحمه أو غير طاهر كالسباع مما لا يؤكل لحمه ، وحديث سلمة يدل على أنّ الدباغ يطهر جلود الميتة من الحيوان المأكول خاصة التي تعمل فيه الذكاة ، وحديث ميمونه يدل على أنّ الدباغ يطهر جلد الشاة الميتة ، ومثل الشاة غيرها من الحيوانات الحلال الأكل ، وحديث ميمونه يخصص عموم حديث سلمة وابن عباس .
4- اختلف العلماء في طهارة جلد الميتة بعد الدبغ ، فالقول الأول أنه لا يطهر شيء من جلود الميتات بالدباغ مطلقاً ، واستدلوا بحديث ( لا تنتفعوا من الميتة بإهاب ) فهو حديث مضطرب مرسل ، ولا تعارض بين الأحاديث الأخرى لأنّ الإهاب هو الجلد قبل أن يدبغ ، والقول الثاني كل ميتة من السباع أو مما يُؤكل لحمه جعل الله الدباغ تطهيراً به ، وهو قول قوي واختاره البخاري ، والقول الثالث قيل المراد ما يؤكل لحمه وكل طاهر في الحياة كالهرة والحمار والبغلِ ، والقول الرابع كل حيوان ينجس بالموت يطهر جلده بالدباغ وهو ما سوى الكلب والخنزيز لأنهما نجسان في الحياة ، وهو قول علي وابن مسعود ، والقول الخامس أن جلود الميتات التي تعمل فيها الذكاة " ما يؤكل لحمه " تطهر بالدباغ ظاهراً وباطناً ويجوز استعمالها في المائعات واليابسات ، فيجوز التطهر من إنائها ، لما ورد عند أحمد : ( دباغ ما يؤكل لحمه طهوره )  وهو القول الراجح ، ولأنه قد وردت أدلة عن الرسول صلى الله عليه وسلم في النهي عن جلود السباع وجلود النمور ، وأنه لا يجوز استعمالها والركوب عليه ولو دبغت ، كالأسد والذئب والكلب ، وكذلك جلود الخنزير لأنها حيوانات خبيثة ، فتكون مخصصة لحديث ابن عباس والله أعلم .
5- وقد ساق المؤلف هذه الأحاديث في باب الآنية لبيان أنه تطهر جلود الميتة التي تحل فيها الذكاة بالدباغ فيجوز التطهر من إنائها .
6- سؤال : دباغ جلود الميتة يُطهرها ، فما المراد بالميتة على القول الراجح ؟ .
[9] 1- ترجمة راوي الحديث : أبو ثعلبة  اشتهر بكنيته الخُشنِيَ  ، والخشني نسبة إلى قبيلته خُشين  بطن من جهينة ، وهو جرثوم بن ناشر ، وقيل جرهم بن ناشر ، صحابي من أصحاب الشجرة ، أرسل إلى قومه فأسلموا ، نزل بالشام ومات بها سنة 75 هـ .
2- في الحديث دليل النهي عن الأكل في أواني أهل الكتاب وهو اليهود والنصارى ، وكانوا بأرض الشام ، لأنهم لا يتحاشون النجاسات ، فربما وضعوا فيها خمراً أو لحم خنزير ، وأواني المشركين والكفار من باب أولى ، والنهي في الحديث ليس للتحريم ، بل لأن الطبع يتنفر عن إناء أكل أو طبخ فيه مثل هذه القاذورات والنجاسات .
3- أباح النبي صلى الله عليه وسلم الأكل في آنية أهل الكتاب بشرطين :أ- أن لا يجدوا غيرها ، فإن وجدوا غيرها من الأواني فإنهم لا يأكلون فيها . ب- أن يغسلوها قبل الإستعمال بالماء ، ليحصل له اليقين من طهارتها ، ففي رواية مسلم في صحيحه ( إنا نجاور أهل الكتاب وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ويشربون في آنتيهم الخمر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن وجدتم غيرها فكلوا واشربوا فيها ، وإن لم تجدوا غيرها فارخضوها – أي اغسلوها – بالماء ، وكلوا واشربوا ) .
4- إباحة تبادل المنافع والمصالح من الكفار ، لأن هذا ما هو إلا مجرد معاملة تجارية ، ليس فيها ميل قلبي إليهم ولا ركون إلى اعتقاداتهم . 
[10] 1- حديث عمران بن حصين لا وجود له في البخاري ومسلم بهذا اللفظ الذي ذكره الحافظ ، وإنما ورد في قصة اختصرها المؤلف وأصله أنّ النبي صلى الله عليه وسلم كان هو وأصحابه في سفر فنفد ما معهم من الماء ، فأرسل علياً ورجلاً آخر يلتمسان الماء فوجدا هذه المرأة على بعير لها عليه مزادتان – والمزادة هي القربة - فسألاها عن الماء ظنّا أن الماء قريب ، فقالت : عهدي به أمس البارحة ، دلّ على أنّ الماء بعيد ، فقالا : أجيبي رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يؤخذ من كل مزادة قليل من الماء ، وتفل فيه فجعل الله فيه البركة ، وقال : اسقوا واستقوا ، حتى روي العسكر كلُّهم وتوضؤوا .
2- ترجمة راوي الحديث : عمران بن حصين خزاعي كعبي من فضلاء الصحابة ، يكنى أبا نجيد ، أسلم عام خيبر ، سكن البصرة وتوفى بها سنة 52هـ ، أو 53 هـ .
3- فظاهر الحديث يدل على جواز استعمال أواني الكفار من دون شرط ، ولا شكّ أنّ المزادة من أواني الكفار ، فيفيد طهارة آنية المشركين ، ويؤيد هذا الحديث في أحاديث كثيرة منها أنّ الصحابة رضي الله عنهم كانوا في الغزوات يصيبون من الكفار الثياب والأواني ، وكذلك مصنوعات الكفار من الأواني والملابس كانت تأتي إلى أسواق المدينة وتباع ، ولم يُذكر أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم أمرهم أن يغسلوها ، والأصل في الأشياء الطهارة ما لم تُعلم نجاستُه فيغسل .
4- فالجمع بين حديث أبي ثعلبة الخشني وحديث عمران بن حصين : فحديث أبي ثعلبة يحمل على أنّ الأمر بغسلها من باب الاستحباب والاحتياط لا من باب الوجوب ، وبيان الأكمل والأفضل خشية أن يكونوا شربوا فيها الخمر أو أكلوا فيها الميتة ، ولا سيما أنّ أبا ثعلبة ذكر أنهم كانوا يرونهم يطبخون فيها الخنزير ويشربون فيها الخمر ، والدليل على أنّ الأمر للندب أنّ الله أباح لنا أكل ذبائح أهل الكتاب ، وأنّ حديث عمران يدل ما ذهب إليه الجمهور أنّ أواني الكفار التي يستعملونها وثيابهم التي يلبسونها والمجهول حالها أنّ الأصل فيها الطهارة ، ولا تزول بالشك في نجاستها من استعمالهم لها ، ويباح استعمالها من غير غسيل ، لأن الكافر طاهر من النجاسة الحسية ، وأما قوله تعالى : ( إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ)(التوبة: 28) ، فالمراد به نجاسة الشرك وليست نجاسة الأبدان ، فلو إغتسل المشرك بماء البحر ما زالت عنه نجاسة الشرك ، وتطهيرها كلمة التوحيد ، أما النجاسة الحسية فيطهرها الماء .
5- في حديث عمران دليل على معجزة النبي صلى الله عليه وسلم ، جعل الماء القليل ببركته كثيراً كفى القوم كلهم شرباً ووضوءاً .
6- سؤال : أكتب قصة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه من مزادة امرأة مشركة – جزاك الله خيراً - ؟ وكيف يكون الجمع بين حديث أبي ثعلبة وحديث عمران ؟
(3) باب إزالة النجاسة وبيانها
[11] 1- الحديث رقم "23" ، يوجد بعد الحديث رقم "17" لأنهما في مسألة واحدة .
 2- لما كانت الطهارة للصلاة مطلوبة من الحدث ومن النجاسة ، ناسب أن يعقد المصنف هذا الباب ، لأن المصلي يشترط أن يكون طاهراً من الحدث وطاهراً من النجاسة في بدنه وثوبه وفي البقعة التي يصلي عليها . والنجس هو المستقذر المستخبَث ويشمل النجاسة الحقيقية والحكمية . والنجاسة شرعاً : قذر مخصوص كالبول يمنع الصلاة ونحوها .
3-  هذا الباب يذكر فيه أحكام النجاسة ، وكيفية إزالتها ، وتطهير محلها وما يعفى عنه منها وما يتعلق بذلك ، واتفق العلماء على إزالتها وأنه شرط لصحة الصلاة ، والواجب هو إزالة النجاسة فقط ، ولا يشترط عدد معين من الغسلات ، فلو زالت بغسلة واحدة طهر المحل . 
4- والنجاسة قسمان : نجاسة حكمية وهي النجاسة التي تطرأ على محل طاهر ، كالتي تقع على الثوب أو على البدن أو على الأرض ، ويكفي في تطهيرها إجراء الماء على جميع مواردها ، وهي المقصودة في هذا الباب ، ونجاسة عينية فهذه لا تطهر بحال ، كنجاسة الكلب والخنزير ونجاسة البول والغائط ، فلو غُسل الكلب أو الخنزير عدة مرات ، لا يمكن أن تزول منه النجاسة .
5- والنجاسة لها ثلاث صفات : طعم وريح ولون ، فإزالة النجاسة معناها إذهابها بأن تُغسل حتى لا يبقى لها أثر ، فبقاء الطعم والريح بعد الغسل دليل على بقاء عينها وأنها لم تزل ، أما بقاء اللون بعد الغسل الجيّد فلا يضر لأنه معفو عنه . وأنّ الأصل في الأشياء الطهارة ، ولا يحكم بنجاسة شيء حتى يعلم يقيناً بنجاسته .
6- عند الجمهور أنّ النجاسة إنما تزال بالماء دون غيره من المائعات ، لأن الماء أصل الطهارة ، قال تعالى : ( وَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً طَهُوراً)(الفرقان: 48) ، ومذهب أبي حنيفة ورواية عن أحمد واختاره شيخ الإسلام بن تيمية أنها تزال بكل طاهر مزيل لعين النجاسة وأثرها ، سواء أكان مائعاً أم جامداً ، واستدلوا أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أذن بالإزالة بغير الماء في مواضع منها الاستجمار ، ومنها ما رواه أبو داود من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا وطيء أحدكم الأذى بنعليه ، فإن التراب له طهور ) ، وبما رواه الترمزي من حديث أم سلمة أنها قالت للنبي صلى الله عليه وسلم : ( إني امرأة أطيل ذيلي ، وأمشي في المكان القذر ، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم : يطهره ما بعده ) ،  قال عبدالرحمن بن سعدي : " الصحيح أنّ النجاسة إذا زالت بأي شيء فإنها تطهر ، وكذلك إذا انتقلت صفاتها الخبيثة وخلّفتها صفاتها الطيبة فإنها تطهر بذلك ، لأن النجاسة تدور مع الخبث وجوداً وعدماً " والله أعلم .
[12] 1- مفردات الحديث : الخمر : يراد بها المسكر ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( كلُّ مسكرٍ حرام ، وكلُّ خمرٍ حرام ) أخرجه مسلم ، فالخمر : ما أسكر من عصير العنب وغيره ، وسمِّيت خمراً لأنها تخامر العقل وتغطيه ، من التخمير وهو التغطية . خلاً : الخلّ ما حمض من عصير العنب وغيره ، فإذا أزبد فإنه يسكر ويصير خمراً ، أما إذا لم يزبد فإنه يباح شربه ، لأنه عصير فاكهة ، ويشترط في العصير أن لا يبقى أكثر من ثلاثة أيام ، لأنه يتخمر  . لا : حرف نفي ، وتأتي على ثلاثة أوجه ، منها أن تكون جواباً مناقضاً لنعم ، وهذه تحذف الجمل بعدها كثيراً ، وهي المرادة هنا .
2- في الحديث دليل على أنّ الخمر محرّمة ، والمعروف في تحريم الخمر أنه كان على مراحل ، كما يلي ، قال تعالى : ( يَسْأَلونَكَ عَنِ الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ قُلْ فِيهِمَا إِثْمٌ كَبِيرٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَإِثْمُهُمَا أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهِمَا)(البقرة: 219) ، ثم حرمت وقت الصلوات ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ )(النساء: 43 ) ، ثم حرمت تحريماً نهائياً في كل الأوقات ، ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)(المائدة:90) ، فالخمر أم الخبائث ، والنبي صلى الله عليه وسلم لعن في الخمر عشرة : ( لعن الخمر نفسها ولعن شاربها وساقيها وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه وبائعها ومبتاعها وآكل ثمنها ) حديث صحيح رواه أحمد وأبوداود والترمزي وابن ماجه .
3- اختلف العلماء في تخلل الخمر قال بعضهم تطهر بالتخلُّل مطقاً بنفسها أو بمعالجةٍ وهذا مصادمٌ للحديث ، وقيل لا تطهرُ مُطلقاً بنفسها أو بمعالجةٍ ، وقيل إن تخللت الخمرُ بنفسها طهُرت وإلا فلا  وهو أعدلُ الأقوال وهو الصحيح ، وفي الحديث دليل على الرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن تخليلها ، فهي نجسة ، ولذا لا يجوز إمساكها من أجل علاجها إلى أن تتحوّل إلى خلّ ، بل يجب إتلافها في الحال ، وكذلك لايجوز علاجها بنقلها من ظل إلى شمس أو عكسه ، وإذا خللت فإنها لا تباح بالتخليل ، بل حرمتها باقية ، ويؤيد هذا ما روى أبو داود والترمزي : ( أنّ الخمر لما حرمت سأل أبو طلحة النبي صلى الله عليه وسلم عن خمر عنده لأيتام هل يخللها ؟ فأمره بإراقتها ) ، أما إذا تخللت بنفسها بدون تخليل بأن انقلبت من كونها خمراً إلى أن صارت خلاً ، فإنها تباح لأنّ غليانها المطرب قد زال ، فصارت مباحة والقاعدة : " الحكم يدور مع علته وجوداً وعدماً " .
4- فمن استحلّ الخمر فإنه كافر مرتدّ يستتاب فإن تاب وإلا قتل ، وأما من شربها من غير استحلال وهو يعتقد تحريمها ولكن شربها بدافع الهوى والشهوة فيعتبر فاسقاً ، لأنه مرتكب لكبيرة من كبائر الذنوب ، ويقام على الحدّ بأن يجلد أربعين جلدة أو ثمانين ، فقد ورد عن علي أنه جلد أربعين ، ثم قال : ( جلد رسول الله صلى الله عليه وسلم أربعين ، وجلد أبوبكر أربعين ، وجلد عمر ثمانين ، وكلٌّ سنة ، وهذا أحبّ إليّ يعني الأربعين ) أخرجه مسلم .
5- اختلف العلماء في نجاسة الخمر ، قال بعضهم أن الخمر ليست نجسة ، لأنه ليس من لازم التحريم النجاسة ، أما العكس فصحيح وقال بعضهم نجسة وهو القول الراجح وهو الأحوط لأن القول بنجاستها فيه منع لبقائها ، ، نعم كل نجس حرام ، لكن ليس كل حرام نجس إلا بدليل ، والجمهور على أن الخمر نجسه فحديث الباب يدل على نجاسة الخمر ، ومن أجله ساق المصنف الحديث لإزالة النجاسة ، فإذا أصابت الثوب أو البدن أو البقعة يجب غسل من أصابته ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ)(المائدة: 90) ، والرجس هو النجس ، فدلّ على أن الخمر نجسة ، لأنه الله سمّاها رجساً ، وكذلك قوله " فاجتنبوه " يقتضي عدم مماستها وملامتسها ومصاحبتها ، وفي رواية مسلم ( إنا نجاور أهل الكتاب ، وهم يطبخون في قدورهم الخنزير ، ويشربون في آنيتهم الخمر ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : إن وجدتم غيرها فكلوا واشربوا فيها ، وإن لم تجدوا غيرها فارخصوها – أي اغسلوها – بالماء ، وكلوا واشربوا ) ، فالمسكر لا يجوز التداوي به ولا يجوز التطيب به إذا كان مادة طيب ، لأنه نجس .
6- النجاسة قذارة وعلى ذلك " فالكلونيا " نجسة لأنها مُسكرة لما فيها من الكحول والسبيرتو ، فلا تستعمل بأيِّ نوعِ من أنواع الاستعمال .
7- سؤال :  أذكر حكم الخمر من جهة الطهارة والنجاسة وكيف يُطهر ما أصابه ؟
[13] 1- درجة الحديث : متفق عليه ، وزاد مسلم : " من عمل الشيطان " .
2- ترجمة راوي الحديث :  أبو طلحة هو زيد بن سهل بن الأسود بن حرام الأنصاري النجاري ، وهو زوج أم سليم والدة  أنس بن مالك من كبار الصحابة ، شهد العقبة والمشاهد كلها ، أبلي يوم أحد بلاء عظيماً ، وقى النبي صلى الله عليه وسلم بيده حتى شلت ، وقتل يوم حنين عشرين رجلاً ، توفى سنة 34 هـ وقيل 51هـ .
3- يوم خيبر : غزوة خيبر ، وخيبر اسم حصن من حصون اليهود ، وهي الآن بلدة شمال المدينة النبوية . الحُمُر الأهلية : جمع حمار ، والأهلية الإنسية يعني الأليفة  ، ضد الوحشية . رجس : قذر محرم .
4- في الحديث دليل على نجاسة الحمر الأهلية في لحمها ودمها وبولها وروثها ، وفيه دليل على تحريم أكل لحومها وشرب لبنها ، فإنها رجس ، وكانوا أصابهم مجاعة في هذه الغزوة ، فكانوا يأكلون الحمر ويطبخونها ويأكلونها ، ولكن جاء النهي عنها من الله ورسوله صلى الله عليه وسلم فأكفئت القدور وهي تغلي بلحومها ، وامتنعوا من أكلها امتثالاً لنهي الله عز وجل ونهي رسوله صلى الله عليه وسلم ،  وتقييده بالحمر الأهلية ، دليل علىطهارة وإباحة الحمر الوحشية ، ذلك أنها صيد طاهر حلال .
5- اختلف العلماء على نجاسة الحمر الأهلية والبغل في عرقها ولعابها وبدنها ، وهذا وجه الشاهد من الحديث للباب ، فذهب الإمام أحمد في المشهور عنه على نجاستها ، وذهب الإمامان مالك والشافعي ورواية عن أحمد إلى أنهما طاهران في الحياة كالهرة  التي قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم : ( إنها ليست بنجس ، إنهما من الطوافين عليكم ) ، والعلة موجودة في الحمار والبغل وأكثر ، فإن ركوبهما واستعمالهما أكثر لصوقاً وأمس حاجة من الهرة ، وأنّ النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه كانوا يركبونهما ،  والقاعدة الشرعية الكلية الكبرى وهي ( المشقة تجلب التيسير ) ، فمشقة ركوب الحمار والبغل والحمل عليهما مسألة جزئية من هذه القاعدة العظيمة ، وهو ما ذهب إليه الشيخ عبدالرحمن بن سعدي وهو القول الراجح والله أعلم .
[14] 1- درجة الحديث : صحيح ، وقال الترمزي : حديث حسن صحيح .
2- ترجمة راوي الحديث : عمرو بن خارجه بن المنتفق الأسدي ، حيلف أبي سفيان ، سكن الشام وخرج حديثه عن أهل البصرة .
3- مفردات الحديث : خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم في منى : يعني في حجة الوداع وذلك في يوم النحر  .  راحلته : هي الإبل الصالحة لأنها ترجل ، جمعها رواحل . لُعابها :  هو الريق أي ما سال من الفم .
4- في الحديث دليل على طهارة لعاب البعير ،  ومثل البعير سائر بهيمة الأنعام ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم يرى اللعاب يسيل على عمرو بن خارجه ولم يأمره بغسله ، وإقراره على الشيء من سنته ، بل كل فضلات ما يؤكل لحمه طاهرة من لعاب وبول وروث ومنيٍّ ، ويؤيده ما ثبت في الصحيحين وغيرهما ( أنّ النبي صلى الله عليه وسلم أمر العرنيين بأن يشربوا من أبوال الإبل ) ، فإذا كان البول طاهراً ، فاللعاب أولى ) .
5- هذا وجه إيراد المصنف لهذا الحديث في باب النجاسة أنّ فيه دلالة على أن الإبل طاهرة ، وأن فضلاتها طاهرة فإذا أصابت الثوب أو البدن أو البقعة فإنها لا تؤثر .
6- ويلحق به أيضاً ما تعمُّ به البلوى كالهرة والفأرة والبغلِ والحمار ، ولما ورد في سؤر الهرة ، وإن كان بولُها وروثُها نجس .
7- أذكر حكم لعاب وبول وروث الحمر الأهلية والإبل من جهة الطهارة والنجاسة وكيف يُطهر ما أصابه ؟ . 
[15] 1- ترجمة راوي الحديث : عائشة بنت أبي بكر ، هي الصديقة بنت الصديق ، تزوجها رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الهجرة بسنتين وبنى بها في شوال سنة 1 هـ ، وهي بنت تسع ، غنية عن التعريف توفيت في 17 رمضان سنة 57 هـ ، وقيل 58  هـ ، صلى عليها أبو هريرة ودفنت في البقيع .
2- مفردات الحديث :المني : سائل أبيض غليظ تسبح فيه الحيوانات المنوية ، منشؤه إفرازات الخصيتين يخرج ويتدفق بشهوة غالباً . أثر الغسل : علامة الغسل ، لم ييبس ويخرج به مباشرة وأثر الماء ظاهر عليه .
[16] 1- الحديث له سبب ، رواه مسلم من طريق عبدالله بن شهاب الخولاني قال : كنت نازلاً على عائشة فاحتلمت في ثوبي ، فغمستهما في الماء ، فرأتني جارية لعائشة فأخبرتها ، فبعثت إلىَ عائشة فقالت : ما حملك على ما صنعت بثوبيك ؟ قال : قلت رأيت ما يرى النائم في منامه ، قال : هل رأيت فيهما شيئاً ؟ قلت : لا ، قالت : فلو رأيت شيئاً غسلته ، لقد رأيتني وإني لأحكه من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم يابساً بظفري ) فذكر الحديث .
 2- مفردات الحديث : أفرُكه : الفرك هو الدلك والحك حتي يذهب الأثر ، يقال : فرك الثوب ونحوه حكه حتى يتفتت ما علق به . فركاً : مصدره معناه التأكيد لفعل الفرك  . أحكه : أفركه : هما بمعنى واحد . بظفري : بأطراف الأصابع .
3- في الحديث دليل على أنّ سنة النبي صلى الله عليه وسلم هو الاقتصار على فرك يابس المني وغسل رطبه ،  ويستحب غسله سواء أكان رطباً أو يابساً لأجل كمال النظافة كما يغسل المخاط ونحوه من الطاهرات .
4- الخارج من الإنسان ثلاثة : أ-  طاهر بلا نزاع : وهو الدمع والريق والمخاط والبصاق والعرق . ب- نجس بلا نزاع: وهو الغائط والبول والودي والمذي والدم . ج- مختلف فيه : وهو المني وسبب الإختلاف هو تردده في مجرى البول .
5- اختلف العلماء في طهارة المني ، فذهب الحنفية والمالكية إلى أنّ المني نجس ، وذهب الإمام الشافعي وأحمد إلى أنه طاهر ليس بنجس ، لأن فركه من ثوب النبي صلى الله عليه وسلم من دون غسل دليل على طهارته ، وأن المني أصل خلق الإنسان الطاهر ، وعدم مبادرة النبي صلى الله عليه وسلم بإزالته حتى ييبس دليل على طهارته ، قال شيخ الإسلام بن تيمية : " المني طاهر ، وكون عائشة تارة تغسله من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم وتارة تفركه لا يقتضي تنجيسه ، فإن الثوب يغسل من المخاط والوسخ ، وهذا قول غير واحد من الصحابة " ،  وهو القول الراجح ، فلو صلى الإنسان وفي ثوبه مني فصلاته صحيحة ، ولكن من المستحسن والأفضل أن يتنظف منه ، فيُغسلُ رطبه من باب النظافة ومراعاةً للقول بنجاستِ فيُغسل احتياطاً .
6- في الحديث دليل على أن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يكن مرفهاً في هذه الحياة الدنيا ، فقد كان يلبس ثوباً واحداً لنومه ويقظته وخروجه للناس ، وذلك كله إرشاداً للأمة بعدم المغالاة فيها ، والرغبة فيما عند الله من جزيل ثوابه وعطائه ، وفيه دليل على أنّ خدمة المرأة زوجها ، وقيامها بخدمة بيته والقيام بما يجب له حسب ما جرت به العادة ، فإن هذا من العشرة الحسنة للزوج .
7- سؤال : أذكر حكم المني  من جهة الطهارة والنجاسة وكيف يُطهر ما أصابه ؟  
مِنْ بَولِ الْغُلامِ  )  أَخْرَ جَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ الحَاكِمُ  [1]. 
30- وَعَنْ أَسْمَاءَ بِنتِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمُا; أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ - في دَمِ الْحَيْضِ يُصِيبُ الثَّوبَ- : ( تَحُتُّهُ, ثُمَّ تَقْرُصُهُ بِالْمَاءِ , ثُمَّ تَنْضَحُهُ, ثُمَّ تُصَلِّي فِيهِ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ  . 
31 أ- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالتْ خَوْلَةُ: يَا رَسُولَ اللهِ ! فَإنْ لَمْ يَذْهَبِ الدَّمُ? قَالَ: ( يَكْفِيكِ الْمَاءُ, وَلا يَضُرُّكِ أَثَرُهُ ) أَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ, وَسَنَدُهُ ضَعِيفٌ [2]. 
(*) باب   خصال الفطرة
(31ب) عَنْ أبيِ هُريرةَ رضي الله عنهُ قال : سمعتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ : الفِطْرةُ خَمْسٌ : الخِتَانُ والإسْتِحْدَادُ وَقَصُّ الشَّارِب وَتَقْلِيمُ الأظافِرِ ونَتْفُ الإِبْطِ ) رواه البخاري ومسلم [3]
(4) باب    الوضوء
32- عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ، عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم قال: ( لَوْلا أَنْ أَشُقَّ عَلى أُمَّتِي  لأَمَرْتُهُمْ بِالسِّوَاكِ مَعَ كُلِّ وُضُوءٍ  )  أَخْرَجَهُ مَالِكٌ, وَأَحْمَدُ, وَالنَّسَائِيُّ, وصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ ، وذَكَرَهُ البُخاريُّ تَعْليقاً [4] . 
33- وَعَنْ حُمْرَانَ : ( أَنَّ عُثْمَانَ رضي الله عنه دَعا بِوَضُوءٍ, فَغَسَلَ كَفَّيْهِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ, ثُمَّ تَمَضْمَضَ, وَاسْتَنْشَقَ, وَاسْتَنْثَرَ, ثُمَّ غَسَلَ وَجْهَهُ ثَلاثَ مَرَّاتٍ, ثُمَّ غَسَلَ يَدَهُ اليُمْنَى إِلى الْمِرْفَقِ ثَلاثَ مَرَّاتٍ, ثُمَّ اليُسْرَى مِثْلَ ذَلكَ, ثُمَّ مَسَحَ بِرَأْسِهِ, ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَهُ اليُمْنَى إِلى الكَعْبَيْنَ ثَلاثَ مَرَّاتٍ, ثُمَّ اليُسْرَى مِثْلَ ذَلكَ, ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى عليه وسلم تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذا ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [5] .
34- وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - في صِفَةِ وُضُوءِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ وَاحِدَةً )  أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ والنَّسَائِيُّ والتِّرْمِذِيُّ بِإِسْنادٍ صحيحٍ ، بلْ قال التِّرْمِذِيُّ : إِنَّهُ أَصَحُّ شَيءٍ في البابِ [6].
35- وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ بْنِ عَاصِمٍ رضي الله عَنْهُمَا - في صِفَةِ الوُضُوءِ- قَالَ:  ( وَمَسَحَ صلى الله عليه وسلم بِرَأْسِهِ, فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ ) مُتَّفَقٌ عَليْهِ. وَفي لَفْظٍ لَهُمَا :  ( بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ, حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلى قَفَاهُ, ثُمَّ رَدَّهُمَا إلى الْمَكَانِ الذِي بَدَأَ مِنْهُ ) [7].
36- وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرٍو  بن العاص رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا - فِي صِفَةِ الوُضُوءِ- قَالَ:  ( ثُمَّ مَسَحَ صلى الله عليه وسلم بِرَأْسِهِ, وَأَدْخَلَ إِصْبَعَيْهِ السَّبَّاحَتَيْنِ في أُذُنَيْهِ, وَمَسَحَ بِإِبْهَامَيْهِ ظَاهِرَ أُذُنَيْهِ )  أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ [8] . 
37- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَى اللهُ عليهِ وَسَلم  : ( إِذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ مَنَامِهِ فَلْيَسْتَنْثِرْ ثَلاثاً , فَإِنَّ الشَّيْطَانَ يَبِيتُ عَلى خُيْشُومِهِ  )  مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [9] . 
38- وَعَنْهُ :  ( إَذَا اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلا يَغْمِسْ يَدَهُ في الإنَاءِ حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاثاً ؛ فَإنَّهُ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ  )  مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ ، وَهَذا لَفْظُ مُسْلِمٍ  [10]  .
39- وَعَنْ لَقِيطِ بنِ صَبِرَةَ, رَضِيَ اللهُ عَنِهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عليهِ وَسلَّمِ : ( أَسْبِغِ الوُضُوءَ, وَخَلِّلْ بَيْنَ الأَصَابعِ, وَبَالغْ في الاسْتِنْشَاقِ, إِلا أَنْ تَكُونَ صَائِماً )  أَخْرَجَهُ الأَرْبَعَةُ, وَصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ   .
وَلأبِي دَاوُدَ في رِوَايَةٍ:  ( إَذَا تَوَضَّأتَ فَمَضْمِضْ  ) [11] .
40- وعَنْ عُثْمَانَ رضي اللهُ عنهُ قال : ( إنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يُخَلِّلُ لِحْيَتَهُ في الوُضوءِ ) أخْرَجَهُ التِّرْمَذِيُّ ، وصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ [12] . [13]


[1] 1- درجة الحديث : قال الحافظ في التلخيص إسناده صحيح ، وقد رجّح البخاري صحته ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
2- الحديث له سبب ، عن أبي السمح قال : كنت أخدم النبي صلى الله عليه وسلم فكان إذا أراد أن يغتسل قال " ولني قفاك " فأوليه قفاي فأستره به ، فأتي بحسن أو حسين رضي الله عنهما ، فبال على صدره ، فجئت أغسله ، فقال صلى الله عليه وسلم . ) فذكر الحديث
3- ورد ما يؤيد هذا الحديث في الصحيحين عن أُمِّ قَيْسٍ بنت مِحْصَنٍ الأسديَة : ( أنها أتتْ بابْنٍ لها صَغِيرٍ لَمْ يَأْكُلْ الطَّعامَ إلى رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم في حِجْرِهِ ، فَبَالَ على ثوْبِهِ ، فَدَعَا بِمَاءٍ فَنَضَحَهُ على ثَوْبِهِ وَلَمْ يَغْسِلْهُ ) ، وفي حديث عائشة أم المؤمنين : ( أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم أُتِيَ بِصَبِيٍّ ، فَبَالَ على ثوبِهِ فَدَعَا بِماءٍ فَأْتْبَعَهُ إيَّاهُ ) ، ولمسلم : ( فَأتْبَعَهُ بَوْلَهُ ولَمْ يُغْسِلْهُ ) .
4- ترجمة رواي الحديث : أبو السَّمْح إسمه إياد ، كان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم وخادمه ، يقال : إنه ضل فلا يدري أين مات
5- مفردات الحديث : يرش : الرش هو النضح ، وهما دون الصب ، وهو أن يغمر ما أصابه البول ويكاثر بالماء مكاثرة لا تبلغ جريان الماء وتردده وتقاطره ، ولذا جاء في بعض الروايات " ولم يغسله " . الغلام : هو الذكر من الولادة حتى البلوغ ، والمراد به هنا في زمن الرضاع ، لما جاء في رواية الترمزي قال صلى الله عليه وسلم : " بول الغلام الرضيع ينضح " . أتبعهُ إياه : صبه على بوله . حجره : حضنه .
6- في الحديث دليل على التفريق بين بول الغلام وبول الجارية في الحكم ، جاء في روايةٍ تقييدُ ذلك بعدمِ الطعامِ ، " ما لم يَطعما " ،  وأما بعد الاغتذاء بغير اللبن فهما سويان في النجاسة ، ويدل الحديث على أنّ بول البنت التي في سن الرضاع نجس كغيره من النجاسات ، فيغسل منه الثوب وغيره إذا أصابه ، كما يغسل من بول النساء الكبيرات ، أما بول الغلام الرضيع الذي لم يأكل الطعام لشهوة ، فنجاسته مخففة ، فيكفي إذا أصاب الثوب رشّه بالماء فقط دون غسله ، ولا يلزم من ذلك طهارة بول الصبي ، لأن الحديث لا يدل على أزيد من أنّ الشارع خفف في تطهيره .
7- واختلف في العلة في التفريق بين بول الغلام وبول الجارية على أقوال : قالوا الحكمة هي التيسير على المكلف ، لأن العادة أنّ الذكر يحمل كثيراً لمحبتهم له دون الجارية فحملها أقل ، وبوله يخرج من ثقب ضيق ، فإذا بال انتشر ، بخلاف الجارية فيخرج من ثقب فيه سعة فيستقر في مكان واحد ويسهل غسله  ، فمع كثرة حمله ورشاش بوله يكون فيه مشقة ، فخفف فيه ، ويؤيده ما يعرف عن الشريعة من السماح والتيسير ، والقاعدة العامة تقول " المشقة تجلب التيسير " ، وقيل التفريق بين بول الغلام والجارية أمر تعبدي . أما غائط هذا الصبي كغيره لا بد فيه الغسل .
8- أذكر حكم بول الغلام والجارية من جهة الطهارة والنجاسة وكيف يُطهر ما أصابه ؟.
[2] 1- ترجمة راوي الحديث الأول : أسماء بنت أبي بكر الصديق ، هي أم عبدالله وأم عروة بن الزبير بن العوام ، وأخت عائشة وأكبر منها بعشر سنين ، أسلمت بمكة قديماً وهاجرت إلى المدينة ، ماتت بمكة بعد مقتل ابنها الزبير بأقل من شهر سنة 73هـ ، ولها نحو مائة سنة ، ولم تسقط لها سن ، ولا تغير لها عقل .
2- مفردات الحديثين : تَحُتُّهُ : الحتّ هو الدلك والحك ، والمراد إزالة عين الدم . تَقْرُصُهُ : تدلك الدم بأطراف أصابعها بالماء ليتحلل ويخرج ما شربه الثوب منه ، وذلك أبلغ في إذهاب الأثر عن الثوب ، والحتّ والقرص مما يتصور في اليابس ، ولا تأثير لذلك في الرطب  . تَنْضَحُهُ : أي تغسله بالماء . ثم : تأتي للترتيب فلا يسبق ما قبلها ، فترتب إزالة النجاسة هذا الترتيب . مفردات الحديث : خولة : وهي بنت يسار وقيل بنت اليمان .  لا يضرك : لا ينقص من طهارة ثوبك . فإن لم يذهب : أي أثره بعد حته وقرصه ونضحه . أثره : العلامة وبقية الشيء ، وهو هنا لون الدم بعد الحت والقرص والغسل .
3- درجة الحديث الثاني : حديث أبي هريرة ، صحيح ، صححه الألباني في صحيح أبي داود ،  قال المؤلف سنده ضعيف ، لأن فيه ابن ليهعة ، وهو ضعيف من قبل حفظه ، لأنه ساء حفظه بعدما احترقت كتبه ، فضعفُه ليس بالقوي ، وفي عزو الحافظ الحديث للترمزي نظر ، والصحيح أن الذي أخرجه أبو داود ، وقال الألباني : " صحيح رواه أبو داود والبيهقي وأحمد بإسناد صحيح ، وإن كان فيه ابن لهيعة فإنه قد رواه عنه جماعة منهم عبدالله بن وهب وحديثه عنه صحيح " .
4- في الحديثين دليل على نجاسة دم الحيض وأنه لا يعفى عن يسيره ، فتجب إزالته من الثوب والبدن وغيرهما مما يجب تطهيره ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بغسله ، فيجب حتّ يابسه بعود ونحوه ليزول جرمه ، ثم دلكه بالماء ثم غسله بعد ذلك لتزول بقية نجاسته ، فيراعى الترتيب ، وأنه لا يصلى في الثوب الذي فيه نجاسة .
5- أن الثوب ونحوه إذ غسل من دم الحيض يطهر بعد إزالة عين النجاسة ولا يشترط إزالة أثرها ، فإذا بقي أثر لونه في الثوب أو البدن ، فأنه لا يضر بعد الغسل في كمال التطهير ولا يضر في صحة الصلاة ، والحديث شاهد للقاعدة " ( فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ )(التغابن: 16) .
6- في الحديثان دليل على أن طهارة الثوب من شروط صحة الصلاة ، أما إذا كان ناسياً نجاسة التوب ولم يعلم إلا بعد ما فرغ من الصلاة فصلاته صحيحة ، لأنه يعذر بالنسيان ، وإن ذكر وهو في الصلاة فإن تمكن من خلْعِه خلَعَه ويستمر في صلاته ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه ، فخلع نعليه في أثناء الصلاة لأن جبريل عليه السلام أخبره أن فيهما خبثاً ، أما إذا لم يتمكن فإنه ينصرف من الصلاة ولا يستمر فيها بثوب نجس ، ثم يزيل النجاسة ثم يصلي من جديد ، إلا إذا كان في حال ضرورة ليس عنده غيره فيصلي به .
6- فيه دليل على أنّ ما كان عليه الصحابة من ضيق العيش ، فالمرأة منهم ليس لها إلا ثوب واحد تلبسه تحيض فيه ثم تغسله بعد الحيض فتلبسه وقت الصلاة وخارج الصلاة ، بخلاف مع عليه النساء في أيامنا هذه ، حيث أنّ المرأة تبلغ في كثرة ثيابها حدّ الإسراف والتبذير .
7- سؤال : أذكر حكم دم الحيض  من جهة الطهارة والنجاسة وكيف يُطهر ما أصابه ؟ .
[3] 1- هذا الباب لم يذكره الحافظ ، ونقلته من كتاب تيسير العلام شرح عمدة الأحكام .
 2- مفردات الحديث : الفطرة : ما فطر الناس على حسنه ، أي جبلوا على حسنه . نتف الإبط : ما قطع شعره من أصله ، والإبط باطن المنكب .
3- أن الدين الإسلامي جاء بالنظافة والجمال والكمال ، وأن فطرة الله تدعو إلى كل خير وتبعد عن كل شر ، وأنّ هذه الخصال الخمسة من فطرة الله التي يحبها ويأمر بها ، ، ففي الحديث مشروعية تعاهد هذه الخصال الخمسة وعدم الغفلة عنها وهي :
أولها : الخِتَانُ : هو قطع رأس جلدة في فرج الأنثى ، وقطع جلدة الذكر التي فوق الحشفة حتى تبرز ، والتي يسبب بقاؤها تراكم النجاسات والأوساخ فتحدث الأمراض والجروح ، ويوجد في بعض البلاد المتوحشة من يسلخون والعياذ بالله الجلد الذي يحيط بالقُبُل كله ، ويزعمون جهلاً أنّ هذا ختان ، وما هذا إلا تعذيب وتمثيل ، ومخالفة للسنة ومحرم وفاعله آثم .
ثانيها : الإستحدادُ : حلق شعر العانة ، وهو الشعر الذي حول الفرج سواء أكان قبلاً أم دبراً ، لأن بقاء الشعر يجعله معرض للتلوث والنجاسات ، وربما أخل بالطهارة الشرعية .
ثالثها : قص الشارب : هو الشعر الذي ينبت فوق الشفة العليا ، والذي بقاؤه يسبب تشويه الخلقة ، ويكره الشراب بعد صاحبه ، وهو من التشبه بالمجوس .
راباعها : تقليم الأظافر : وهو قطع أطرافها الخارجية عن منابتها في اللحم ، والذي يسبب بقاؤها تجمع الأوساخ فيها ، فتخالط الطعام  فيحدث المرض ، وأيضا ربما منعت كمال الطهارة لسترها بعض الفرض .
خامسها : نتف الإبط : الذي يجلب بقاؤه الرائحة الكريهة .
4- قال ابن حجر : " ما يتعلق بهذه الخصال فوائد دينية ودنيوية منها تحسين الهيئة وتنظيف البدن ، والاحتياط للطهارة ، ومخالفة شعار الكفار ، وامتثال أمر الشارع " ، والأفضل القص في الشارب والنتف في الإبط والحلق في العانة ، فإن شق النتف والحلق أزيل الشعر بأي مزيل .
5- الحتان واجب على الرجال وسنة للنساء ، للحديث ( إلق عنك شعر الكفر واختتن ) رواه أحمد وأبو داود ، وللحديث ( الختان واجب على الرجال ومكرمة للنساء ) رواه أبو داود وهو حديث ضعيف ، وفعله في زمن الصغر أفضل لأنه أسبق إلى الخير وأسرع برءاً وأقل ألماً ، ولا يؤخر عن البلوغ ، وباقي الخصال فمتى طالت أخذت ، لكن لا تترك أكثر من أربعين يوماً ، لقول أنس بن مالك رضي الله عنه : " وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظافر ونتف الإبط وحلق العانة أن لا تترك أكثر من أربعين ليلة ) رواه مسلم .
6- سؤال : أذكر خصال الفطرة ؟ .   
[4]  (4) باب  الوضوء
1- الوضوء شرط من شروط صحة الصلاة ، لا تصح الصلاة إلا به مع الإستطاعة والقدرة . في باب الوضوء حديثين صحيحين ، وكان ينبغي على المصنف أن يذكرهما في هذا الباب ، الأول في الصحيحين عن أبي هريرة مرفوعاً ( لا يَقْبَلُ اللهُ صَلاةَ أَحَدِكُمْ إِذَا أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ ) ، والثاني رواه مسلم : ( لا تُقبل صلاةٌ بغير طهور ولا صدقةٌ من غلول ) أخرجه مسلم ، ففيها دلالة على أنّ الطهارة شرط لصحة الصلاة ، وأن صلاة المحدث لا تقبل حتى يتطهر من الحدثين الأكبر والأصغر .
2- الوضوء : بضم الواو مصدر توضأ وضوءاً ، إذا أريد الفعل ، مأخوذ من الوضاءة وهي النظافة والحُسْن ، وبالفتح إذا أريد الماء الذي يتوضأ به . شرعاً : استعمال ماء طهور في الأعضاء الأربعة بنية مخصوصة على صفة مخصوصة في الشرع ، بأن يأتي بها مرتبة متوالية . وهو ثابت بالكتاب والسنة والإجماع ، قال تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )(المائدة: من الآية6) ، والأحاديث فيه قولاً وفعلاً وتقريراً كثيرة ، وأجمع العلماء على أنّ الطهارة من الحدث شرط لصحة الصلاة .
3-  قال شيخ الإسلام بن تيمية : " والوضوء من خصائص هذه الأمة ، كما جاءت به الأحاديث الصحيحة : ( إنهم يبعثون يوم القيامة غراً محجّلين من آثار الوضوء ) ، وأنّ النبي صلى الله عليه وسلم يعرف أمته بهذه السيماء ، فيظهر عليهم النور في وجوههم وأطرافهم ، فدل على أنه لا يشاركهم فيها غيرهم ، أما رواية ( هذا وضوئي ووضوء الأنبياء من قبلي ) فضعيف لا يحتج به ، ومن سنن الوضوء السواك ، ولهذا بدأ به المصنف .
4- درجة الحديث : صحيح ، علقه البخاري بصيغة الجزم ، وهو متفق عليه من حديث أبي هريرة لكن بلفظ : " مع كل صلاة " ، والحديث المعلَّق في الأصل عند المحدثين : هو الذي يسقط من أول سنده راوٍ فأكثر ، أما إذا سقط من آخر السند فإنه يسمى مُرْسلاً . والمعلَّق ما يورده البخاري بدون سند ، وهو نوعين : معلّقٌ بصيغة الجزم ، ومعلَّق بغير صيغة الجزم ، وقد جاء الإمام الحافظ ابن حجر رحمه الله فوصل معلقات البخاري بأسانيدها في كتاب سماه " تغليق التعليق " يتكون من خمسة مجلدات مطبوع .
5- مفردات الحديث :  لو لا : حرف إمتناع لوجود ، أي لو لا وجود المشقة لأمرتهم  ، فدل الحديث على انتفاء الأمر لثبوت المشقة . السواك : بإستعمال السواك ، لأن السواك آلة .
6- في الحديث دليل على تأكد استحباب السواك مع كل وضوء ،  فالمرء يستاك بالماء ثم يتمضمض من أجل أن يكون هذا أبلغ في تنظيف الفم ، وهو دليل على القاعدة الكبرى ( المشقة تجلب التيسير ) ،  فخشية المشقة سبب عدم فرضيته ، مما يترتب عليه الاثم بتركه ، والسر في مشروعية السواك أننا مأمورون في كل حالة من أحوال التقرب إلى الله عز وجل أن نكون في حالة كمال النظافة لإظهار شرف العبادة ، وقيل إن الملك يتأذى بالرائحة الكريهة ، لما روى مسلم من حديث جابر مرفوعاً ( من أكل الثوم أو البصل أو الكراث فلا يقربن مسجدنا ، فإن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم ) ، وأشد من ذلك رائحة الدخان الخبيث ، فإن كان المرء مطلوباً منه أن يزيل الروائح المؤذية من بعض الأطعمة المباحة ، فلإن يُزيل رائحة الدخان من باب أولى ، فالدخان حرام ، لأنه مضر في الصحة والمال ، كما أنَ رائحته كريهة ومؤذية .
7- الراجح أنّ السواك بالعود أفضل ، وأحسن أنواع السواك عود الأراك ، ولكن يجزئ بغيره مثل الفرشة وعرجون النخل و أصبع وخرقة وغيرهما ، فكل شيء ينظف الفم ويزيل الرائحة ولا يترك في الفم أثراً سيئاً ، يشرع السواك به وأنه يحصل من الفضل والسنة بقدر ما حصل من الإزالة ،  وقد جاءت في الحث على السواك أحاديث كثبرة منها : قوله صلى الله عليه وسلم : ( السواك مطهرة للفم مرضاة للرب ) حديث صحيح أخرجه أحمد والنسائي وابن ماجه ، وعموم الحديث يفيد استحباب السواك كل وقت للصائم وغيره ، أول النهار وآخره ، وهو ما ذهب إليه الإمامان أبو حنيفة ومالك ، واختاره شيخ الإسلام بن تيمية ، لحديث كعب بن مالك قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ما لا أحصي يتسوك وهو صائم ) رواه الخمسة وحسنه الترمزي وعلقه البخاري . ويتأكد السواك في خمسة مواضع : عند الوضوء ، عند الصلاة ، عند الإنتباه من النوم ، عند قراءة القرآن ، بعد الأكل وعند تغير رائحة الفم .
8- درء المفاسد مقدّم على جلب المصالح ، وهذه قاعدة عمومية نافعة جداً ،  فإن الشارع الحكيم ترك فرض السواك على الأمة ما فيه من المصالح العظيمة ، خشية أن يفرضه الله عليهم فلا يقوموا به فيحصل عليهم فساد كبير بترك الواجبات الشرعية .
9- سؤال : ما حكم السواك عند كل وضوء مع ذكر الدليل ؟ .
[5] 1- تكملة الحديث : وقال : ( مَنْ تَوَضَّأَ نَحْوَ وُضُوئِي هَذا ثُمَّ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ لا يُحَدِّثُ فِيهِما نَفْسَهُ غَفَرَ اللهُ لَهُ مَا تَقدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ )
2- ترجمة راوي الحديث :حُمران بن أبان : سباه خالد بن الوليد وأرسله لعثمان في زمن الصديق ، المولى معناه هنا العتيق ، فكان حمران مملوكاً لعثمان ثم أعتقه ، فصار مولىً له ، ثقة من الطبقة الثانية ، وتوفى سنة 75 هـ .
3-  عثمان بن عفان رضي الله عنه : ثالث الخلفاء الراشدين ، وهو من السابقين للإسلام ، هاجر الهجرتين ، تزوج رقية وبعدها أم كلثوم بنتي النبي صلى الله عليه وسلم ولهذا يقال له ذو النورين ، قتل شهيداً يوم الجمعة في 18 ذي الحجة سنة 35 هـ ، والحديث فيه فضل عثمان حيث كان يعلم الناس الوضوء وهو خليفة المسلمين .
4- مفردات الحديث : دعا : طلب الوضوء . كفيه : تثنية كف ، والكف هو الراحة مع الأصابع ، سميت كفاً لأن الإنسان يكف بها عن نفسه . تمضمض : المضمضة هي إدخال الماء إلى الفم ، ثم يحركه ثم يمجّه  يعني لفظُه خارج الفم  . وجهه : هو ما تحصل به المواجهة  وهي المقابلة ، وحدّه من منابت شعر الرأس المعتاد إلى منتهى اللحيين طولاً ، ومن الأُذُن إلى الأُذُن عرضاً . استنشق : الاستنشاق جذب الماء بنفس إلى داخل الأنف ويكون باليد اليمنى . استنثر : الاستنثار إخراج الماء من الأنف بعد الاستنشاق ويكون باليد اليسرى  .  إلى المرفقين : إلى بمعنى معى ، حيث تأتي إلى لانتهاء الغاية ، وهنا داخل ما بعدها فيما قبلها لدلالة الأحاديث ، فيدل على أنّ المرفق من اليد ، والكعب من الرجل . المرفقين : موصل عظم الذراع والعضد . مسح برأسه : المسح لعموم الرأس وليس لبعضه . الكعبين : ملتقى مفصل الساق من القدم . لا يُخدث فيهما نفسه : حديث النفس ، هو الوسواس والخطرات ، والمراد بها هنا ما كان في شئون الدنيا ، فلا يسترسل في ذلك ، وإلا فالأفكار يعتذر السلامة منها .
5- هذا الحديث جعله المؤلف أصلاً في بيان صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم ، وجعل ما بعده من الأحاديث والروايات مكملات له ، فيه استحباب غسل اليدين ثلاثاً قبل إدخالهما في ماء الوضوء عند التوضوء ،  وجوب المضمضة والاستنشاق والاستنثار ، فهما داخلان في مسمى الوجه المنصوص غسله في آية المائدة ، وجوب غسل الوجه وحده من منابت شعر الرأس إلى الذقن طولاً ومن الأذن إلى الأذن عرضاً  ، وجوب غسل اليدين مع المرفقين ، وجوب مسح الرأس كله مرة واحدة يقبل بيديه عليه ثم يدبر بهما، ويجب مسح الأذنين ظاهرهما وباطنهما وأنهما داخلتان في مسح الرأس ، وجوب غسل الرجلين مع الكعبين ، وجوب الترتيب في الوضوء بأن يبدأ بالوجه ثم اليدين ثم مسح الرأس ثم غسل الرجلين ، لأن الله تعالى ذكر الوضوء بهذه الصفة ، قال تعالى : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )(المائدة: 6) ، والنبي صلى الله عليه وسلم توضأ هكذا كما روى عثمان وغيره .
6- استحباب التثليث في المضمضة والاستنشاق وغسل الوجه وغسل اليدين والرجلين ، ويستحب التيامن ، فيغسل اليد اليمنى قبل اليسرى ، والرجل اليمنى قبل اليسرى .
7- القول الراجح وجوب المضمضمة والاستنشاق ، لاستمرار النبي صلى الله عليه وسلم على إتيانه بهما ، ولحديث عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( المضمضة والاستنشاق من الوضوء الذي لا بدّ منه ) رواه أبوبكر في الشافي ، ولما أخرجه مسلم عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا توضأ أحدكم فليستنشق بمنخريه من الماء ثم ليستنثر ) ، ولما أخرجه أبوداود والدار قطني عن لقيط بن سمرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( إذا توضأت فمضمض ) ، ولما ورد بالأمر بغسل الوجه في قوله تعالى : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ )(المائدة: 6) ، فإن الفم والأنف من الوجه لأنهما عضوان ظاهران داخلان في مسماه .
8- إلى المرافق : فإلى لانتهاء الغاية ، والقاعدة أنّ الغاية لا تدخل في المُغيَّا ، فقوله تعالى : ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)(البقرة: 187) ، لا يدخل الليل أو أي شيء من الليل في الصيام ، لكن هذا الحديث بيَّن أنّ الغاية تدخل في المغيَّا ، وأنه يجب غسل المرفقين ، فتكون إلى بمعنى مع ، أي : وأيديكم مع المرافق ، لأن إلى تأتي أحياناً بمعنى مع ، مثل قوله تعالى : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ)(النساء: 2) ، أي لا تأكلوا أموال اليتامى مع أموالكم .
9- فضيلة الوضوء الكامل وأنه سبب لغفران صغائر الذنوب ، والثواب الموعود به يترتب على مجموع الأمرين وهما الوضوء على النحو المذكور ، وصلاة ركعتين بعده ، أما كبائر الذنوب ، فلا بدّ لغفرانها من التوبة منها ، قال تعالى : ( إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ)(النساء: 31) .
10- سؤال : هل غسل المرفقين والكعبين داخلان في الوضوء ، بين ذلك ؟
[6]  1- درجة الحديث : الحديث صحيح ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود .
2- ترجمة راوي الحديث : علي بن أبي طالب رضي الله عنه ، رابع الخلفاء الراشدين ، شهد المشاهد كلها إلا تبوك استخلف فيها على المدينة ، ضربه الشقي عبدالرحمن بن الملجم ثلاث ضربات ، قتل شهيداً يوم الجمعة 17 رمضان سنة 40هـ بالكوفة .
3- حديث علي يدل على أنّ مسح الرأس مرة واحدة ، وأن المسح لا يكرر كما يكرر الغسل ، لأنَّ المسح مبني على التخفيف ، فلا يشرع تكريره ، وإنما يقتصر فيه على مرة واحدة ، والحكمة هو التيسير على الأمة ، فإن الرأس موطن الشعر ، فصب الماء عليه وتكريره ، ربما سبب أذية ومرضاً ، ولم يصح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه خلافه البتة ، وما جاء في تثليث مسحِ الرأس لا يُعوَّلُ عليه ، قال أبو داود " أحاديث عثمان الصِّحاح كلها تدل على مسح الرأسِ أنه مرة واحدة ، يقبل الماسح بيديه ثم يُدْبر ، ليعم المسح جميع الرأس .
[7] 1- ترجمة راوي الحديث : عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ بْنِ عَاصِمٍ  أنصاري مازني ، من بني مازن بن النجار ، شهد أحداً وشارك وحشياً في قتل مسليمة الكذاب يوم اليمامة ، قتل يوم الحرة سنة 63 هـ ، وهو غير عَبد الله بن زيدٍ بنِ عبْدِ رَبِّه الذي رأى رؤيا الأذان .
2- مفردات الحديث : فَأَقْبَلَ بِيَدَيْهِ وَأَدْبَرَ : فسر الإقبال باليدين والإدبار بالرواية الأخرى ، " بَدَأَ بِمُقَدَّمِ رَأْسِهِ, حَتَّى ذَهَبَ بِهِمَا إِلى قَفَاهُ, ثُمَّ رَدَّهُمَا إلى الْمَكَانِ الذِي بَدَأَ مِنْهُ " . بدأ : بدأت الشيء أي فعلته ابتداء ، أما بدا : بلا همزة فمناه ظهر . مقدم الرأس : ابتداؤه من منابت الشعر المعتاد غالباً . القفا : وهو مؤخر الرأس .
3- حدّ الرأس من منابت شعر الرأس المعتاد مما يلي الجبهة إلى مفصل الرأس من الرقبة ، ومن الأذن إلى الأذن ، ولا يمسح ما نزل من شعر الرأس أسفل من ذلك ، لأنه قد تجاوز مكان الرأس من الإنسان .
4- حديث عبدالله بن زيد يدل على صفة المسح ، وهو أن يضع يديه مبلولتين بالماء فيبدأ بمقدم رأسه ، فيذهب بيديه إلى قفاه ثم يردهما إلى المكان الذي بدأ منه ، وتكون هذه الرواية مفسرة للرواية التي قبلها من أنه " أقبل بيده وأدبر " فإن معنى أقبل بيديه أي بدأ بهما من قِبَل الرأس وأدبر ثم عاد بهما من دبره ، والإقبال والإدبار باليدين يعتبر مسحة واحدة لا مسحتين ، لأن شعر مقدم الرأس متجه إلى الوجه ، ومؤخر الرأس متجه إلى القفا ، فإذا بدأ بالمقدم مسح ظهور وأصول الشعر المقدم ، وإذا عاد باليدين مسح ظهور وأصول الشعر المؤخر ، فحصل مسحة واحدة ، وليست هذه الصفة واجبه ، فعلى أي صفة مسح أجزأ .
5- ورد في كيفية مسح الرأس عدة روايات منها : ( مسح برأسه مرة واحدة ) ، ( فأقبل بيديه وأدبر ) ، ( بدأ بمقدم رأسه حتى ذهب بهما إلى قفاه ، ثم ردهما إلى المكان الذي بدأ منه ) ، ( مسح برأسه فبدأ بمؤخر رأسه ثم بمقدمه ) ، ( يضع يديه في وسط رأسه ثم يمسح مُقدم رأسه ثم يمسح مؤخر رأسه ، فيمسح الشعر على حاله ولا ينكسه ) ويحمل اختلاف لفظ الأحاديث على تعدد الحالات ، وتعدد الروايات يدل على جواز المسح على أي كيفية جاءت ، كما لو مسح بيدٍ واحدة ، وإنما مدار الوجوب تعميم الرأس بالمسح ، واختبار أصح الروايات وأفضلها لتكون الغالبة في الوضوء .
6- كان صلى الله عليه وسلم يمسح رأسه كله ، ولم يصح عنه في حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض رأسه البتة ، وهو ما ذهب إليه الإمامان مالك وأحمد ، قال شيخ الإسلام : " لم ينقل عن أحد أنه صلى الله عليه وسلم اقتصر على مسح بعض الرأس ، وقال ابن القيم : " لم يصح عنه حديث واحد أنه اقتصر على مسح بعض الرأس البتة ، والباء في قوله تعالى : ( وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ )(المائدة: 6) ، وفي الحديث ( ومسح برأسه )  لا تدل على مسح البعض ، لأنها للإلصاق ، ومن ظن أنها للتبعيض فقد أخطأ على أئمة اللغة ، وتفيد أنه لا بدّ من تعميم الرأس بالمسح ، فلو مسح بعضه فإن هذا لا يجزئ ، والرأس إذا أطلق فإنه يعمُّ أجزاءه جميعاً .
[8] 1- درجة الحديث : الحديث صحيح ، قال الألباني في صحيح أبي داود حسن صحيح ، رواه أبو داود والنسائي من طريق عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده ، وأخرجه ابن ماجه ، وعمرو بن شعيب ترك الاحتجاج جماعة من الأئمة ، واحتج به الأئمة الأربعة ، والحديث له شواهد كثيرة .
2- ترجمة راوي الحديث : عبدالله بن عمرو بن العاص القرشي أسلم قبل أبوه ، وكان أبوه أكبر منه بثلاثة عشرة سنة ، كان عالماً جافظاً عابداً ، توفى سنة 63هـ ، وقيل 70 هـ .
3- مفردات الحديث : السباحتين : تثنية سباحة ، وهي الأصبع التي بين الإبهام والوسطى ، سميت بذلك لأنه يشار بها عند تسبيح الله تعالى ، والمراد بالأنملة منها ، وسمِّيتا بالسبابتين أيضاً ، لأنهما يشار بهما عند السب . ظاهر أذنيه : أي أعلاهما ، والجزء الظاهر منهما . إبهاميه : تثنية الإبهام  وهي الأصبع الغليظة الخامسة من أصابع اليد والرِّجْل.
4- الحديث يدل على أنّ الأذنان من مسمى الرأس ،  شرعاً ولغة وعرفاً ، أن مسح الأذنين منصوص عليه في الآية الكريمة : ( وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ )(المائدة: 6) ، ذلك أنّ الأذنين داخلتان في مسمى الرأس ، فالآمر بمسح الرأس بالآية أمرٌ بمسحهما . وصفة مسحهما أن يدخل أصبعيه السباحتين في صماخي أذنيه ، ويمسح بإبهاميه ظاهر أذنيه ، ولو أدخل في الصّماختين غير السَّبَّاحتين ، ومسح ظاهر أذنيه بغير الإبهامين كفى ذلك ، لكن بهما أفضلُ ، ولذا فإن السنة أن الأذنان تمسحا بماء الرأس لا بماء جديد لهما ، انظر الحديث رقم 42 .
6- سؤال : أكتب الأحاديث الدال على : مسح الرأس مرة واحدة فقط وما جاء في تثليث مسح الرأس لا يعوّل عليه ؟ .
7- سؤال : جاء في الأحاديث ثلاث طرق في مسح الرأس ، أذكر اثنتين ( وفقك الله لتطبيق السنة ) ؟. 
[9] 1- مفردات الحديث : الشيطان : مخلوق لله تعالى شرير مفسد ، واحد الشياطين ، وهم عالم غيبي ، وهم من ذرية إبليس ، وقد جعل الله لهم قدرة على التكيف والتشكل لحكمة أرادها ، والشيطان سمِّي شيطاناً إما لشَيطانه وشِدِّته وطيشه ، وإما لشطونه وبعده عن الخير ، فيكون الشيطان من الجن ومن الإنس ومن الدواب ، وكل مخلوق صار فيه شر وبعد عن الخير فإنه يقال له شيطان ، والمراد هنا شيطان الجن .  يبيت : بات : أدركه الليل وقضاه ، نام أو لم ينم . خَيْشومه : أعلى الأنف من داخله .
2- بعض الروايات قيدّت هذا الاستنثار عند الوضوء ، وبعض الروايات أطلقت ، فالأولى أنه يتستنثر كل مستيقظ من نوم الليل ولو لم يرد الوضوء ، وهذا أحوط وأنفع للإنسان  ، و الأمر بالاستنثار بعد اليقظة عند الجمهور للإستحباب ، وظاهره أنه للوجوب ، ، وهذا غير الاستنثار في الوضوء فإنه لا بدّ منه ، وعندهم أنه خاص بنوم الليلِ لقوله " يبيت " والأولى أن يكون عاماً ، والأنف موضع ضيقٌ وهذا يدل على أنّ الشيطان لطيف وأنّ الله قد أعطاه القدرة على التصرف ، والمؤمن عليه الإمتثال .
3- يدل الحديث على مشروعية الاستنثار ، وتقيده بنوم الليل أخذاً من لفظ يبيت ، فإن البيتوتة لا تكون إلا من نوم الليل ، ولأنه مظنة الطول والاستغراق ،  وعلل ذلك بأن الشيطان يبيت على خيشومه ، فيكون له تأثير خبيث ،  فإن الأنف أحد منافذ الجسم ، فجاء الأمر أن يزال هذا الأثر بالماء بأن يستنثر ثلاث مرات إزالة لأثر الشيطان ، وكذلك الفم والأذنين أحد منافذ الجسم  ، فجاء الأمر بالكظم عند التثاؤب من أجل دخول الشيطان حينئذ في الفم .
4- الأمر بالاحتراز من الشيطان وآثره ، فإنه يريد الولوج إلى ابن آدم مع كل طريق ، وفي الحديث : ( إنّ الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم ) أخرجه البخاري ومسلم ، والشيطان يصرع الإنسان ويخبل عقله ويخالطه ويجري مع دمه فيجرّه إلى المفاسد والمعاصي ، قال تعالى : ( الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ )(البقرة: 275) ، وقال تعالى : ( قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (صّ:82) ، فمن استعاذ بالله من الشيطان وآمن بالله ورسوله وعمل الصالحات وتجنب المعاصي فإن الشيطان يعتزله ، ويحميه الله منه .
5- سؤال : أكتب الحديث الدالة على : الإستنثار ثلاثاً بعد اليقظة من النوم ، وهذا غير الاستنثار في الوضوء ؟ .
[10] 1- مفردات الحديث : فلا يغمس يده : أي لا يدخل كفه ، واليد إذا أطلقت فإنه يراد بها الكف ، قال تعالى : ( وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا )(المائدة: 38) ، فإن يد السارق تقطع من الكف . لا ناهية ، والغمس بأن يغيب الكف في الماء الذي فيه الإناء ، وجاء في بعض الروايات البخاري " فلا يغمسنّ " بنون التوكيد الثقيلة . فإنه لا يدري : إشارة على الأمر بذلك احتمال النجاسة ، لأن الشارع إذا ذكر حكماً وعقَّبه بعلة دل على ثبوت الحكم لأجلها . حَتَّى يَغْسِلَهَا ثَلاثاً : يعني يغسلها خارج الإناء ثلاث مرات ، وأن الغسل خاص في الماء الذي في الإناء ، وهو الماء القليل ، أما الماء الكثير فلا يؤثر فيه غمس اليد . أين : لعل المكان المسؤول عنه جزء من جسد النائم أو ملامسة الشيطان يده . باتت يده : البيتوتة اسم لنوم الليل .
2- في الحديث دلالة على وجوب غسل الكفين بعد القيام من نوم الليل ثلاث مرات ، قبل إدخالهما الإناء ، وهو مذهب أحمد ، وذهب الجمهور إلى الاستحباب في غسل الكفين من عموم النوم ليلاً أو نهاراً ، لكن لو غسل يداً واحدةً ولم يغسل الأخرى ، فله إدخالها وحدها ، فلكل يد حكمها ، ولو غمسها قبلَ الغسل أساء وأثم ، والصحيح أنّ الماء باق على طهوريته لأن الماء لا ينجس إلا إذا تغيرت صفة من صفاته بالنجاسة .
3- اختلف العلماء في الحكمة من غسل اليدين ثلاثاً بعد الاستيقاظ من النوم ، فمنهم من قال : هذا أمر تعبدي لا نعرف معناه ، والله ورسوله أعلم به ، ولا ندري أين تبيت اليد ، وبعضهم قال ربما تقع يده على فرجه وهو نائم ،  ومنهم من قال : " إنّ الشيطان يبيت في يده كما أنه يبيت في خيشومه " ، قال  شيخ الإسلام بن تيمية : " أنّ مشروعية غسل يدي المستيقظ من نوم الليل ، والاستنثار بعد النوم أن ذلك من ملامسة الشيطان ، فقد علل الغسل بأن أحدكم لا يدري أين باتت يده ، و علل الاستنثار بأن الشيطان بات على خيشومه ، فعلم أنّ ذلك هو سبب الغسل والاستنثار ، وهذا تعليل مرضي مقبول " ، لأن اليد جارحة يكتسب بها الإنسان الخير والشر ، لأن الشيطان يبيت فيها من أجل أن يجريء الإنسان على فعل الشر بيده ، فيغسل يده حتى يزيل أثر الشيطان .
4- أكتب الحديث الدال على غسل اليدين ثلاثاً بعد اليقظة من النوم ، قبل إدخالهما الإناء ؟
[11] 1- درجة الحديث : الحديث صحيح ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ، هذا الحديث قطعة من حديث لقيط وهو طويلٌ ، فيه أنه سأله عن أشياءَ وأمره بأشياء ساقه أبو داود بطوله .
2- ترجمة راوي الحديث : لَقِيط بنِ صَبِرَةَ بن عبدالله بن المنتفق العامري ، يقال : هو لقيط بن عامر بن صبرة المعروف بأبي رزين العقيلي ، وبه جزم ابن عبدالبر ، وقيل هما اثنان ، وهو الذي رجحه الحافظ .
3- مفردات الحديث : أسبغْ وخلل وبالغ كلها أفعال أمر وفعل الأمر ما دلّ على طلب وقوع الفعل من الفاعل المخاطب ، والأصل أن فعل الأمر مبني على السكون . أسبغ الوضوء : الإصباغ هو إكمال الوضوء وإتمامه بالغسل ،  أي وفِّ كل عضو حقه في الغسل ، بحيث لا يبقى منها شيء لم يُصِبه الماء ، فإن بقى منها شيء من الأعضاء لم يصبه الماء لم يصح وضوءه ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً في قدمه لمعة قدر الدرهم ، فقال : ارجِعْ فأحسنْ وضوءك ) أخرجه مسلم ، فأمره أن يعيد الوضوء . خلل : تخليل الأصابع ، التفريج وإسالة الماء بينها ، وهو أن يدخل إصبعاً بين إصبعين حتى تعم البلة ، والمراد أصابع اليدين والرجلين ، لحديث ابن عباس : " إذا توضأت فخلل أصابع يديك ورجليك " ، فالتخليل هو زيادة تأكد وهو مستحب ، بخلاف وصول الماء إلى ما بينها فهذا فرض ، فلو بقي ما بين الأصابع لم يصله ماء لم يصح وضوءه . بالغ : ابذل الجهد واستقص بجذب الماء إلى أقصى الأنف ، بحيث أنّ الماء يعمُّ داخل الأنف ، ولا يبقى من داخل الأنف شيء لم يصل إليه الماء ، بخلاف ما لو أدخل الماء إلى أدنى الأنف فهذا لم يبالغ . المضمضة : هي إدارة الماء في الفم حتى يبلغ أقصاه ثم يمجُّه ، أي يخرجه  ، لحديث ( إذا توضأت فمضمض ) . صائماً : الصيام شرعاً هو إمساك بنية عن مفسدات الصوم من طلوع الفجر الثاني إلى غروب الشمس من المسلم العاقل غير الحائض والنفساء . إلا أن تكون صائماً : هذا الإستثناء لا يعود إلا على المبالغة في المضمضة والاستنشاق ، وأما إسباغ الوضوء وتخليل الأصابع فلا يعود إليهما لأن الصيام لا يتأثر بهما ، فالمعنى فلا تبالغ في الإستنشاق والمضمضة إذا كنت صائماً خشية أن يذهب الماء إلى حلقه وهو صائم ، فيفسد صيامه ويصير مفطراً .
4- في الحديث دليل على إكمال الوضوء وإتمامه ، فالأمر للوجوب ، لحديث صاحب اللمعة ، ولقوله صلى الله عليه وسلم : ( ويلٌ للأعقاب وبطون الأقدام من النار ) أخرجه أحمد ، الأعقاب هي مؤخرة الأرجل ،  وأما ما زاد عليه فهو للإستحباب ، لأن الإسباغ لفظ مشترك بين الواجب والمستحب ، فيستعمل للوجوب بما لا يتم الوضوء إلا به ، ومستحب فيما عدا ذلك .
5- في الحديث دليل على إستحباب تخليل أصابع اليدين والرجلين عند غسلهما ، وهو سنة يفعل في بعض الأحيان ويُترك في بعضها لأنّ النبي صلى الله عليه وسلم ما كان يداومُ عليه .
6- في الحديث دليل وجوب المضمضة والإستنشاق ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها ، والأمر يفيد الوجوب ، وهذا يكون تفسيراً للآية الكريمة ، قال تعالى : ( فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ )(المائدة: 6) ، هذا مجمل فصَّلته السنة وبيَّنت أنّ مِنْ غَسلِ الوجوه المضمضة والاستنشاق ، هذا ما يدل عليه حديث لَقيط بن صَبِرة بروايتيه ، وكذلك يدل على إستحباب المبالغة في الإستنشاق والمضمضة عند الوضوء إلا مع الصيام ، فيكره خشية وصول الماء إلى الجوف .
7- سؤال : ما دلّ عليه حديث لَقيط بن صَبِرة بروايتيه من أحكام ؟
[12] 1- درجة الحديث :  الحديث صحيح ، قال الترمزي : حسن صحيح .
2- مفردات الحديث : لحيته : شعر العارضين والذقن .
3- في الحديث دليل على مشروعية تخليل اللحية في الوضوء ، وهو تفريقها وإسالة الماء فيما بينها ليدخل ماء الوضوء خلال الشعر ، ويصل إلى البشرة .
4- والتخليل قسمان  واجب ومستحب : أ- الواجب : هو إذا كانت اللحية خفيفة ترى البشرة من ورائها ، فيجب غسل ظاهرها وباطنها ، لأن بشرتها في حكم الظاهر ، فيجب حينئذ مع تخليلها غسل البشرة التي تحتها ، وغسل أصول الشعر . ب- المستحب : هو إذا كانت اللحية كثيفة لا ترى البشرة من ورائها ، فيستحب تخليلها أما ظاهر اللحية الكثيفة فيجب غسله لأنه إمتداد لغسل الوجه .
5- أكتب الأحاديث الدالة على : من سنن الوضوء تخليل الأصابع والمبالغة في الاستنشاق لغير الصائم ، تخليل اللحية ؟ .
[13]  انظر الحديث رقم 56 ، لإشتراك الحديث رقم 41 ، ورقم 56 في المعنى .

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق