الأحد، 19 فبراير 2012

بلوغ المرام أحكام الطهارة 3

- وَعَنْهُ ( أَنَّهُ رَأَى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَأْخُذُ لأُذُنَيْهِ مَاءً خِلافَ الماءِ الذِي أََخَذَهُ لِرَأْسِهِ )  أَخْرَجَهُ الْبَيْهَقِيُّ ، وقال إسناده صحيح ، وصححه الترمزي أيضاً . وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ" مِنْ هَذَا الوَجْهِ بِلَفْظِ : (  وَمَسَحَ بِرَأْسِهِ بِمَاءٍ غَيرِ فَضْلِ يَدَيْهِ ) , وَهُو الْمَحْفُوظُ [1]. 
43- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِي اللهُ عَنْهُ قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: ( إِنَّ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ القِيَامَةِ غُرّاً مُحَجَّلِينَ مِنْ أَثَرِ الْوُضُوءِ, فَمَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمِ أَنْ يُطِيلَ غُرَّتَهُ فَلْيَفْعَلْ ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ, وَاللَّفْظُ لِمُسْلِمٍ [2] .   
44- وَعَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالتْ:  ( كَانَ النَّبِيُ صَلى الله عليه وسلم يُعْجِبُهُ التَّيَمُنُ فِي تَنَعُّلِهِ, وَتَرَجُّلِهِ, وَطُهُورِهِ, وَفِي شَأْنِهِ كُلِّهِ )  مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [3] . 
45- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم  : ( إِذَا تَوَضَّأْتُمْ فَابْدَأُوا بِمَيَامِنِكُمْ  )  أَخْرَجَهُ الأَرْبَعَةُ, وَصَحَّحَهُ ابنُ خُزَيْمَةَ   [4] . 
46- وَعَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ  ( أَنَّ النَّبِيَّ صَلى الله عليه وسلم تَوَضَّأَ, فَمَسَحَ بِنَاصِيَتِهِ, وَعَلى العِمَامَةِ والْخُفَّيْنِ )  أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ  [5] .
47- وَعَنْ جَابِرٍ بنِ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللهُ عَنِهُمَا -فِي صِفَةِ حَجِّ النَّبِيِّ صَلى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ- قَالَ صلى الله عليه وسلم  : ( ابْدَؤُوا بِمَا بَدَأَ اللهُ بِهِ  )  أَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ هَكَذا بِلَفْظِ الأَمْرِ ، وَهُوَ عِنْدَ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ الْخَبَرِ [6] .   
48- و        َعَنْهُ قَالَ:  ( كَانَ النَّبِيُّ صَلَى الله عليه وسلم إِذَا تَوَضَّأَ أَدَارَ الْمَاءَ عَلى مِرْفَقَيْهِ )  أَخْرَجَهُ الدَّارَقُطْنِي بِإِسْنَادٍ ضَعَيْفٍ [7] . 
49- وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( لا وَضُوءَ لِمَنْ لَمْ يَذْكُرِ اسْمَ اللهِ عَلَيْهِ  ) أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ, وَأَبُو دَاوُدَ, وَابْنُ مَاجَهْ, بِإِسْنَادٍ ضَعِيْفٍ [8].
50- وَللتِّرْمِذِيِّ: عَنْ سَعِيدِ بْنِ زَيْدٍ [9].
51- وَأَبِي سَعِيدٍ نَحْوُهُ . وقَالَ أَحْمَدُ: لا يَثْبُتُ فِيهِ شَيْءٌ   [10] . 
52- وَعَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ, عَنْ أَبِيهِ, عَنْ جَدِّهِ  قَالَ:  ( رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَفْصِلُ بَيْنَ الْمَضْمَضَةِ وَالاسْتِنْشَاقِ )  أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ بِإِسْنَادٍ ضَعِيفٍ [11] . 
53- وَعَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -فِي صِفَةِ الوُضُوءِ-  ( ثُمَّ تِمَضْمَضَ صلى الله عليه وسلم وَاسْتَنْثَرَ ثَلاثاً, يُمَضْمِضُ وَيْنثُرُ مِنَ الْكَفِّ الذِي يَأْخُذُ مِنْهُ الْمَاءَ  )  أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَالنَّسَائِيُّ  [12] . 
54- وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ زَيْدٍ رضي الله عنه -فِي صِفةِ الوُضُوءِ-  ( ثُمَّ أَدْخَلَ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ, فَمَضْمَضَ وَاسْتَنْشَقَ مِنْ كَفٍّ وَاحِدَةٍ, يَفْعَلُ ذَلِكَ ثَلاثاً  )  مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ [13]  .
55- وَعَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ:  ( رَأَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم رَجُلاً, وَفِي قَدَمِهِ مِثْلُ الظُّفْرِ لَمْ يُصِبْهُ الْمَاءُ ، فَقَالَ: "ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ"  ) أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ, وَالنَّسَائِيُّ [14]. 
56- وَعَنْهُ قَالَ:  ( كَانَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَوَضَّأُ بِالْمُدِّ, وَيغْتَسِلُ بِالصَّاعِ إِلى خَمْسَةِ أَمْدَادٍ  )  مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ  .
41- وَعَنْ عَبْدِ اللهِ بنِ زَيْدٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال :  ( إِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أُتِىَ بِثُلُثَيْ مُدٍّ, فَجَعَلَ يَدْلُكُ ذِرَاعَيْهِ  )  أَخْرَجَهُ أَحَمْدُ, وَصَحَّحَهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ [15].  
57- وَعَنْ عُمَرَ رَضِيَ الله عنهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم  ( مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ يَتَوَضَّأُ, فَيُسْبِغُ الوُضُوءَ, ثُمَّ يَقُولُ: أَشْهَدُ أَنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ, وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ, إِلا فُتِحَتْ لَهُ أَبْوابُ الْجَنَّةِ الثَّمَانِيَةُ  يَدْخُلُ مِنْ أَيَّهَا شَاءَ "  )  أخرجه مسلم   .
وَالتِّرْمِذِيُّ, وَزَادَ:  ( اللَّهُمَ اجْعَلْنِي مِنَ التَّوَّابِينَ, وَاجْعَلْنِي مِنَ الْمُتَطَهِّرِينَ  )  [16] . 
(5) باب المسح على الخفين
58- عَنْ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ رَضِي الله عنه قال: ( كُنْتُ مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَتَوَضَّأَ فَأَهْوَيْتُ ِلأَنْزِعَ خُفَّيْهِ فَقَالَ: دَعْهُمَا فَإِنِّي أَدْخَلْتُهُمَا طَاهِرَتَيْنِ ، فَمَ


[1]  1- درجة الحديث : الرواية الأولى من الحديث وهي رواية البيهقي شاذة ، والرواية الثانية من الحديث وهي رواية مسلم محفوظة ، وحكم الشاذ الرد ، وحكم المحفوظ القبول ، لأنّ الحديث الشاذ ما رواه راوٍ مخالف من هو أوثق منه بوجه من وجوه الترجيحات ، فالرواية الشاذة هي الرواية المخالفة لرواية الثقات .
2- مفردات الحديث : من هذا الوجه : أي من الطريق الذي روى به البيهقي هذا الحديث . غير فضل يديه : الفضل ما زاد عن الحاجة ، وبقي بعد إتمامها ، والمعنى أنه لم يمسح الرأس بالبلة التي تبقى في اليدين بعد غسلهما ، بل مسح بماء جديد .
3- في الحديث روابتان : إحداهما : أنّ النبي صلى الله عليه وسلم " يأخذ لمسح أذنيه ماءً غير الماء الذي أخذه لرأسه " ، وهو ما يمسمى بتجديد الماء للأذنين ، وهو قول المالكية ورواية عن أحمد وهي التي في متن الزاد حيث عدّ من سنن الوضوء أخذ ماء جديد للأذنين ، و ثبت ذلك عن ابن عمر من فعله ، روى الإمام مالك في موطأه عن نافع عن عبدالله بن عمر كان يأخذ الماء بإصبعيه لأذنيه .
والثانية : أنه صلى الله عليه وسلم " مسح رأسه بماء غير فضل يديه " ، أي أخذ ماء للرأس غير ماء اليدين ، لأن اليدين عضو مستقل ، والرأس عضو مستقل ، فلا يمسح الرأس بفضل اليدين ، يعني البلل الباقي بعد اليدين وهذه هي الرواية الصحيحة ، ولذا فإن السنة أن الأذنان تمسحا بماء الرأس لا بماء جديد لهما .
4- فالقول الراجح أنه يمسح أذنيه تبعاً لرأسه بماء واحدٍ  ، لما يلي :
أولاً :  لأنها هي الرواية المحفوظة فإن رواية الثقات أنه لم يأخذ ماءً جديداً للأذنين ، وإنما أخذ ماء جديداً يمسح به رأسه وأذنيه ، لأن الأذنين من الرأس ، فتكون الرواية المقابلة لها رواية شاذة ، وهي أخذ ماء جديداً للأذنين .
ثانياً :  وكذلك أنّ الرواية الأولى أخرجها البيهقي ، وأما الثانية فهي عند مسلم ، فلها مزيد صحة .
ثالثاً : الجديث رقم 36 ، حديث عبدالله بن عمرو بن العاص الذي أخرجه أبو داود والنسائي وصححه ابن خزيمة ( أنّه صلى الله عليه وسلم مسح برأسه وأدخل أصبعيه السباحتين في أذنيه ، ومسح بإبهاميه ظاهر أذنيه ) ولم يذكر أخذ ماء جديد لأذنيه .
رابعاً : " أنّ الأذنين من الرأس " ، هما داخلتان في مسماه لغة وشرعاً .
خامساً : وأقوال الصحابة أنه صلى الله عليه وسلم ( مسح رأسه وأذنيه مرة واحدة ) ، دليل على أنه عليه الصلاة والسلام يمسح رأسه وأذنيه بماء واحد .
سادساً : قال ابن القيم : " لم يثبت أنه أخذ لأذنيه ماء جديداً " ، وقال الحافظ " : المحفوظ أنه مسح رأسه بماء غير فضل يديه " ، واختار شيخ الإسلام بن تيمية : " أن الأذنين يمسحان بماء الرأس ، وهو مذهب الجمهور " .
5- هذا الحديث الذي أخرجه البيهقي يحتاج إلى بحث عن سندهِ وما في معناهُ ، فإن صحّ كان دليلاً على أنّ النبي صلى الله عليه وسلم يفعل هذا تارة فيأخذ ماءً جديداً للأذنين ، وإن لم يصح سندُه ، فالأحاديث تدلُّ على أنّه يسمحُ أذنيه تبعاً لرأسِه بماء واحدٍ ، ولو أخذ ماءً للأذنين فلا حرج َ لا سيَّما إذا يبست يداه .
[2] 1- وفي لفظِ آخر : " رأيْتُ أَبَا هُرَيْرَةَ يَتَوَضَّأُ ، فَغَسَلَ وجْهَهُ ويَدَيْهِ حَتَّى كَادَ يَبْلُغَ الْمَنْكِبَيْنِ ، ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ حَتَّى رَفَعَ إلى السَّاقَيْنِ ، ثُمَّ قال : سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : ( إنّ أمتّي ...يُدْعَوَنَ يومَ القيامَةِ ...) وذكر الحديث ، وفي لفظٍ لمسلم : ( سَمِعْتُ خَلِيلِي صلى الله عليه وسلم يَقُولُ : ( تَبْلُغُ الْحِلْيَةُ مِنَ الْمُؤْمِنِ حَيْثُ يَبْلُغُ الْوُضُوءُ ) .
2- مفردات الحديث : أمتي : الأمة قسمان : أمة دعوة ، وأمة إجابة ، فكل وصف أنيط بأمة محمد صلى الله عليه وسلم فالمراد به أمة الإجابة ، وما عدا ذلك فهم أمة الدعوة  فهم كل الخلق من إنس وجن ومسلمين وكافرين لأن دعوته صلى الله عليه وسلم عامة ، والمراد هنا أمة محمد صلى الله عليه وسلم المتبعون لهديه . غُرّاً : الغرة أصلها لمعة بيضاء في جبهة الفرس ، أي البياض في الوجه . مُحجَّلين : من التحجيل وهو بياض في قوائم الفرس كلها ، أي البياض في اليدين والرجلين . والمراد غراً محجلين أي بياض في الوجوه والأيدي والأرجل وهي أعضاء الوضوء ، وإنها ستكون يوم القيامة نوراً يتلألأ يَعرفُ به النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه من سائر الأمم .  أثر : العلامة على الشيء . يطيل : من الإطالة ، أي بإبلاغ الماء فوق اللازم ، فإطالة الغرة غسل شيء من مقدم الرأس ، والتحجيل غسل ما فوق المرفقين والكعبين .
3- في الحديث دليل على فضيلة الوضوء ، وأنه يكون نوراً يوم القيامة في الوجه واليدين والرجلين  يُعرَفُ به المسلمون بين الأمم  ، والراجح أنّ الوضوء من خصائص أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن في الأمم السابقة ، لأنه أصبح علامة عليها بين الأمم ، فتكون الغرة سيما وعلامة جعلها الله خاصة لها من أثر الوضوء ، لما جاء في مسلم مرفوعاً ( سيما ليست لأحد غيركم ) ، قال شيخ الإسلام بن تيمية : " الوضوء من خصائص هذه الأمة كما جاءت به الأحاديث الصحيحة ، وأما ما رواه ابن ماجه فلا يحتج به ، وليس عند أهل الكتاب خبر عن أحد من الأنبياء أنه يتوضأ وضوء المسلمين " .
4- اختلف العلماء هل يستحب مجازوة الفرض في الوضوء ، ذهب الجمهور إلى إستحباب ذلك إستدلالاً بحديث الباب " من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل " ، والقول الراجح ما ذهب إليه الإمام مالك إلى عدم إستحباب مجاوزة محل الفرض ، وهو رواية عن أحمد إختارها شيخ الإسلام بن تيمية وابن القيم وعبدالرحمن السعدي وعبدالعزيز بن باز وغيرهم ، واستدلوا :
أولاً : مجاوزة محل الفرض على أنها عبادة ، دعوى تحتاج إلى دليل .
ثانياً : كل الواصفين لوضوء النبي صلى الله عليه وسلم لم يذكروا إلا أنه كان يغسل الوجه واليدين إلى المرفقين ، والرجلين إلى الكعبين .
ثالثاً : آية الوضوء حددت محل الفرض المرفقين والكعبين ، وهي من آخر ما نزل من القرآن .
رابعاً : لو سلمنا بهذا لاقتضى الأمر أن نتجاوز حد الوجه إلى بعض شعر الرأس ، وهذا لا يسمى غرة فيكون متناقضاً .
خامساً : الحديث لا يدل على الإطالة إنما تكون الخلية زينة في الساعد والمعصم ، لا العضد والكتف .
سادساً : أما قوله صلى الله عليه وسلم ( فمن استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) فهذه الزيادة مدرجة في الحديث من كلام أبي هريرة ، لا من كلام النبي صلى الله عليه وسلم ، والمدرج عند أهل الحديث هو ما كان من كلام أحد الرواة ، وهو ليس من أصل الحديث ، كتفسير أو نحوه ، وقد بين ذلك غير واحد من الحفاظ ، قال نعيم المجمري رواي الحديث : " لا أدري قوله ( من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) من كلام النبي صلى الله عليه وسلم أو من شيء قاله أبو هريرة من عنده " . والراجح أنها من كلام أبي هريرة فكان في غسله ليديه يصلُ إلى المنكبِ وفي رجلَيْهِ إلى الركبة ، يفعل هذا إذا لم يره أحد ، وهذا إجتهاد منه .
5- فعل الرسول صلى الله عليه وسلم يبين أن إطالة الغرة وإطالة التحجيل ليست مشروعة ، وإنما الواجب الاقتصار على ما أمر الله به تعالى ، ولو صح إطالة الغرة والتحجيل من كلام الرسول صلى الله عليه وسلم فالمُراد أن يشرع في العَضُدِ حتى يغسل المرفقين ، وأن يشرع في الساق حتى يغسل الكعبين كما هو فعلُه صلى الله عليه وسلم ، وكذلك المداومة على الوضوء والإكثار منه ، فكما انتقض وضوءه توضأ حتى يكون طاهراً في أغلب أحيانه ، من أجل أن يكثر هذا النور في الوجه واليدين والرجلين يوم القيامة .
6- سؤال : ( من استطاع منكم أن يطيل غرته فليفعل ) ، هذا كلام أبي هريرة اجتهاد منه ، فما السنة إذن ؟ .
[3] 1- مفردات الحديث :  يُعْجِبُهُ : يعني أنه كان صلى الله عليه وسلم يستحسن ويحب هذا الشيء ويفضله . التيمن : هو تقديم الأيمن على الأيسر من الجهات والأشياء . في تنعله : في لبسه النعل ونحوه من الخفين والجوربين ومثله الثياب . وترجله : تسريح شعر رأسه ولحيته بالمشط . طُهوره : المراد التطهير بفعل الوضوء والغسل وإزالة الأنجاس . في شأنه كله : من الأشياء المستطابة ،  في الأكل والأخذ والإعطاء والدخول ، فهذا تعميم بعد تخصيص في كل مستطاب .
2- القاعدة الشرعية أن تقدم اليمنى للأشياء المستطابة ، وتسخدم اليسرى في الأشياء المستخبثة ، ففي الحديث دليل على استحباب تقديم اليمين في الطعام والمصافحة ، وفي التنعل والترجل والطهور " الوضوء والغسل " ، والدخول وما شابهها من الأمور المستطابة ، مثل لبس السراويل والثياب والنعال يبدأ باليمين ويخلعُ باليسار ، فتكون اليمين أولهما تُنعل وتُلبس ، وآخرهما تُخْلع ، و مثل استحباب البداءة بأيمن الرأس عند تسريحه أو غسله أو حلقه أو غير ذلك ، أو تقديم الرجل اليمنى على اليسرى في الدخول إلى المسجد والمنزل،  وعلى استحباب تقديم اليسار في الأشياء المستخبثة والمستقذرة  مثل الدخول إلى المواضع غير المحترمة ، كدخول الخلاء والاستنجاء والإستنثار من الأنف وإزالة الأذي والسواك ، فإذا أراد أن يستاك يقبض السواك بيده اليسرى لأنه إزالة أذى ، قال النووي : " قاعدة الشرع المستمرة استحباب البداءة باليمين في كل ما كان من باب التكريم والتزيه ، وما كان بضدها استحب فيه التياسر " .
[4] 1- درجة الحديث :  الحديث صحيح ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ، وقد حسّنه النووي في المجموع ، وقد أخرجه أحمد وابن حبان والبيهقي والطبراني ، ، ويؤيده الحديث الذي قبله .
2- مفردات الحديث : توضأتم : أردتم الوضوء أو شرعتم فيه . الأمرُ بالبدء بالميامن للوجوب ، وقيل للإستحباب .
3- استحباب التيامن في الوضوء بين اليدين وبين الرجلين ، بأن يبدأ باليد اليمنى ثم باليد اليسرى ، ثم يبدأ بالرجل اليمنى قبل اليسرى ، كما يدل عليه حديث عائشة المتقدم ، وليس بواجب ، فلو قدمّ الشمال على اليمين أجزأ الوضوء مع فوات الفضيلة ، لأن الله تعالى أمر بغسل اليدين والرجلين ولم يخصَّ اليمنى على اليسرى ، فيكون أمر الرسول صلى الله عليه وسلم من باب الإستحباب .
4- التيامن يتصور في اليدين والرجلين ، بخلاف الوجه فعضو واحد يغسله جميعه ، والرأس عضو واحد فيمسح جميعه .
5- اليمين تجعل لأعمال الطاهرة ، وتقدم في الأحوال المستطابة ، والشمال لما سوى ذلك .
[5] 1- ترجمة الراوي : المغيرة بن شعبة بن مسعود الثقفي ، أسلم عام الخندق وهاجر ، أول مشاهده الحديبية ، وهو الذي كان يوم بيعة الرضوان واقفاً على رأس النبي صلى الله عليه وسلم بالسيف يحرسه لما جاء المشركون للمفاوضة  تولى الإمارة في عهد النبي ، مات بالكوفة سنة 50 هـ ، وكان عاملاً عليها من قبل معاوية .
 2- مفردات الحديث : الناصية : هي الشعر المقدَّم من الرأس . العمامة :ما يلف ويدار على الرأس على شكل أكوار بعضها فوق بعض   . الخفان : ما يلبسان في الرجلين إلى ما فوق الكعبين ، ويكون الخف من الجلد .
3- في الحديث دليل على جواز المسح على العمامة ، ولما روى البخاري عن عمرو بن أمية قال : ( رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم مسح على عمامته وخفيه ) ، وهو من مفردات الإمام أحمد ، فلا يصح المسح عليها عند الأئمة الثلاثة .
4- قال ابن القيم : " إنّ مسح الرأس له ثلاث حالات حسب ما ورد عن الرسول صلى الله عليه وسلم :
أ-  أن يكون الرأس ليس عليه عمامة ، ففي هذه الحال يمسح الرأس كله كما سبق . ب- أن يكون على الرأس عمامة مغطية لجميعه ، ففي هذه الحالة يمسح على جميع العمامة . ج- أن يكون على الرأس عمامة يظهر منها بعض الرأس ، ففي هذه الحالة يمسح على ما ظهر من الرأس ، ويكمل على العمامة ، وهذا ما دل عليه هذا الحديث على أنه لا بدّ من مسح جميع الرأس ،  أما اقتصاره على مسح الناصية لم يحفظ عنه ، قال ابن القيم  "  كان يمسح عرى رأسه تارة ، وعلى العمامة تارة ، وعلى العمامة والناصية تارة ، ولم يصح عنه صلى الله عليه وسلم أنه اقتصر على مسح بعض الرأس البتة " .
5- وقد اشترطوا لصحة المسح على العمامة ثلاثة شروط : أن تكون على ذكر دون أنثى ، وأن تكون ساترة لغير ما العادة كشفه من الرأس ، وأن تكون محنّكة بأن يدار منها تحت الحنك ما يثبتها على الرأس ، فإذا أحكمت على الرأس بهذا الشكل فإنها يصعب نقضها للوضوء ، فلذلك رخص صلى الله عليه وسلم بالمسح عليها ، وأما ما يطرح على الرأس مثل الغترة والطاقية فهذه ليست بعمائم ، والمسح على العمامة تشارك الخف في شروطه .
6- في الحديث دليل على المسح على الخفين ، وله باب خاص سيأتي إن شاء الله .
[6] 1- درجة الحديث : الحديث صحيح ، ولفظ مسلم " نبدأ " وهو قطعة من حديث جابر في صفة حجة الوداع ، وقد رواه مسلم عن جابر بطوله ، ورواه أبو داود .
2- راوي الحديث : جابر بن عبدالله بن عمرو بن حرام الأنصاري رضي الله عنه وعن أبيه ، كلاهما صحابيان ، واستشهد أبوه في أحد ، من مشاهير الصحابة ، شهد بدراً وقيل لم يشهد بدر وأحداً وشهد ما بعدهما ، وشهد صفين ، كان من المكثرين الحفاظ ، كف بصره في آخر عمره ، توفى سنة 74هـ ، وله 94 سنة ، قيل هو آخر من مات من الصحابة بالمدينة .
3- مفردات الحديث : ابدأوا : فعل أمر مبني على حذف النون ، والواو فاعل . ابدأوا بما بدأ الله به : أي ابدؤوا فعلاً بما ذكره الله أولاً ، و يشير إلى الترتيب بين الأعضاء في الوضوء كما رتبته الآية .
4- الحديث جاء في رواية النسائي بالأمر بالبداءة ، فهي تدل على الوجوب ،  وفي رواية مسلم بلفظ " نبدأ " بصيغة فعل مضارع ، على أنه إخبار عن الفعل بالبداءة ، فاجتمع فيه سنتان أمره صلى الله عليه وسلم وفعله ، والحديث ورد في الحج لتقديم الصفا على المروة ، لأن الله قدمه في الذكر ، قال تعالى : ( إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ )(البقرة: 158) ، فيبدأ به في الفعل ، لكن أورد المصنف هذه القطعة هنا في باب الوضوء استدلال على وجوب الترتيب في أركان الوضوء ، وإشارة إلى أنّ العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب ، فهذا الأمر وإن كان ورد  في مسألة السعي خاصة ،  فإنه يشمل الوضوء ، لكنه بعموم الأمر لفظه يدل على قاعدة كلية تدخل تحتها آية الوضوء ، قال تعالى : (فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ ) ،  فيجب البداءة بما بدأ الله به في الوضوء ، فيبدأ بالوجه ويكون ما بعده على الترتيب .
5- الله تبارك وتعالى ذكر صفة الوضوء في آية المائدة في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )(المائدة: 6) ، فرتب أعضاء الوضوء مبتدئاً بالوجه فاليدين فمسح الرأس فغسل الرجلين ، وأنّ هذا الترتيب المذكور فرض في الوضوء ، فلو أتى به على غير هذا الترتيب لم يصح وضوؤه ، ووما استدل به على لزوم هذا الترتيب هو إدخال الممسوح وهو الرأس بين مغسولين ، لأنّ قطْعَه للنظير عن نظيره ، يدل على وجوب الترتيب ،  فإنه لم يدخله بينهما إلا مراعاة لترتيب الأعضاء على هذه الكيفية .
6- أما الترتيب بين المضمضة والاستنشاق ، وبين غسل الوجه ، والترتيب بين يد وأخرى ، أو بين رجل وأخرى ، أو بين الأذنين والرأس ، فالإجماع على أنه سنة لا واجب ، لأنها بمنزلة عضو واحد ، إلا أن تقديم اليمين أفضل .
[7] 1- درحة الحديث : الحديث ضعيف جداً ، في إسناده القاسم بن محمد بن عقيل وهو متروك ، فالمؤلف ضعّف هذا الحديث ولم يأت ببديل عنه .
2- مفردات الحديث : إذا توضأ : يعني شرع في الوضوء ووصل إلى غسل اليدين . أدار الماء : أي أجراه .
3- في الحديث دليل وجوب إدارة الماء على المرفقين عند غسل اليدين ، لأنهما بقية اليد ومنتاهاها ، كما دل عليه غيرُ هذا الحديث الضعيف ، فدلت آية الوضوء في سورة المائدة ، وحديث أبي هريرة في مسلم في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم .
4- ويدل على غسل المرفقين والكعبين ، قوله تعالى  : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ )(المائدة: 6) ، والأصل أنّ الغاية لا تدخل في الْمُغيَّا ، كما قال تعالى : ( ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ)(البقرة: 187) ، ولكن دل الحديث على دخولها ، قال جمهور المفسرين إنّ "إلى" هنا بمعنى "مع" ، فهما أي المرفقان والكعبان داخلان في المغسول ، كما قال تعالى : ( وَلا تَأْكُلُوا أَمْوَالَهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ)(النساء: 2) ، يعنى لا تأكلوا أموال اليتامى مع أموالكم .
5- ويغني عن هذا الحديث حديث أبي هريرة في مسلم في صفة وضوء النبي صلى الله عليه وسلم : ( أنه غسل يديه حتى شرع في عضديه ، وغسل رجليه حتى أشرع في السّاق ) يدل على إدخال المرفقين والكعبين في الوضوء .
[8] 1- درحة الحديث : قال الحافظ : الحديث ضعيف ، وليس الضعفُ شديداً لأن الضعف هنا بسبب سُوء حفظِ بعض الرُّواةِ ، أما الضعف الشديدُ فهو ما كان فيه شذوذٌ أو علةٌ ،  ولكن له طرق تقوى بها ، فالحديث بكثرة طرقه صالح للإحتجاج به ، وصححه المنذري وابن القيم والشوكاني وأحمد شاكر ، و صححه الألباني في صحيح أبي داود ، قال البخاري : " إنه أحسن شيء في الباب " .
2- مفردات الحديث : لا وضوء : يدل كون التسمية ركناً أو شرطاً للوضوء ، لأن الظاهر أن النفي ليس للكمال ، بل للصحة والوجود ، وقيل النفي للكمال . اسم الله : المراد به قول : " بسم الله " .
3- في الحديث دليل على مشروعية التسمية عند البداءة في الوضوء ، قال النووي : ( التسمية أن يقول : " بسم الله " فتحصل السنة ، وإن قال " بسم الله الرحمن الرحيم " فهو أكمل ) .
4- أحاديث التسمية في الوضوء وردت من طرقٍ تنجبر وتَرتقِي إلى درحة الحسن لغيره ، فتكون من قسم المقبولِ ، فالحسن لغيره : هو الحديث الضعيف إذا تعددت طُرقُهُ وإن كان في بعضِ الرُّواةِ ضعفٌ من جهةِ سوءِ الحفظ ، ومثاله أحاديثُ نفيِ الوضوء لمن لم يُسَمِّ .
5- مشروعية التسمية في أول الوضوء مُجمعٌ عليها ، لكن اختلف العلماء هل هي واجبةٌ أم سنة ؟  فذهب الإمام أحمد في رواية عنه إلى أنها واجبةٌ مع الذُّكر وتسقطُ مع النسيان ، في طهارة الأحداث كلها الوضوء والغسل والتيمم ، وعلى هذا يكون النفي في الحديث : " لا وضوء " نفي للصحة ، ومعناه : لا وضوء صحيح لمن لم يذكر اسم الله عليه ، أما من نسيها فوضوؤه صحيح عند أحمد وغيره ، لقوله صلى الله عليه وسلم : ( عُفي لأمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه ) أخرجه ابن ماجه وابن حبان والطبراني ،  وذهب الجمهور إلى استحباب التسمية ، ولو تركها عمداً صحَّ الوضوءُ ، وعلى هذا يكون النفي في الحديث : " لا وضوء " نفي للكمال ، ومعناه : لا وضوء كامل لمن لم يذكر اسم الله عليه ، لكن لا ينبغي أن يتركها عمداً فهي متأكدة ، فغاية ما في الباب أنّ التسمية سنة لتعاضد هذه الأحاديث بعضها ببعض والتي تدل على فضل بداءة الأمور بالتسمية ، قال ابن تيمية : " لا تشترط التسمية في الأصح " ، وكما قال الإمام أحمد " لا يثبت في هذا الباب شيء " . و " الذُّكر " بضم الذال التذكُّر ضدُّ النسيان ، وبالكسرِ ذِكْرُ اللهِ .
6- من أي قسم حديث التسمية على الوضوء ؟ . 
[9] 1- درحة الحديث : حديث سعيد أخرجه الترمزي بإسناد حسن .
2- ترجمة الراوي : سعيد بن زيد بن عمرو من نفيل العدوي القرشي ، ، أبوه زيد مات قبل البعثة على دين إبراهيم عليه السلام ، وسعيد
  أحد العشرة المبشرين بالجنة ، أسلم قديماً ، وهو ابن عم عمر بن الخطاب ، وكان تحت فاطمة أخت عمر ، وهما اللذان سببا في إسلام عمر ، شهد المشاهد كلها إلا بدراً ، فقد كان في طلب العير ، توفي سنة 51 هـ ، ودفن بالبقيع .
[10] 1- درجة الحديث : حديث أبي سعيد ، هو أبو سعيد الخدري الأنصاري ، فقد رواه ابن ماجه وأحمد والدار قطني والحاكم والبيهقي بإسناد ضعيف وذلك لضعف ربيع بن عبدالرحمن . نحوه : يعني نحو حديث أبي هريرة  في أنه " لا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه " ،  انظر كشف المخبوء بثبوت حديث التسمية على الوضوء لأبي إسحاق الجويني .
[11] 1- درجة الحديث : قال الحافظ " الحديث ضعيف " ، قال النووي : " اتفق العلماء على ضعفه " ، وضعفه الألباني في ضعيف أبي داود ، فحديث طلحة بن مصرف لم يرو إلا عن أبيه عن جده ، فطلحة ثقة من أعلام التابعين ، وأبوه مصرف مجهول الحال .
2- ترجمة راوي الحديث : طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ: ثقة من أعلام التابعين من الطبقة الخامسة ، قاريء فاضل ، توفى سنة 112 هـ ، أما أبوه مصرف فمجهول الحال ، ولأجل جهالته يضعف هذا الحديث . أما جده فهو كعب بن عمرو أو عمرو بن كعب من جحدب اليامي ، نسبة إلى يام قبيلة معروفة من قبائل اليمن من همدان ، سكن الكوفة ، له صحبة ، ومنهم من ينكرها ، ولا وجه لإنكار من أنكر .
3-  مفردات الحديث : يفصل : أي يفرق ، فيأخذ ماء للمضمضة ، ثم يأخذ ماءً جديداً للإستنشاق . المضمضة : إدارة الماء في الفم ثم مجّه ، يعني نثره خارج الفم . الاستنشاق : جذب الماء بنفس داخل الأنف . الاستنثار : هو إخراج هذا الماء من الأنف .
4- حديث طلحة يدل على استحباب الفصل بين المضمضة والاستنشاق ، وذلك بأن يأخذ لكل واحد ماءً جديداً ، ليكون أبلغ في الإسباغ والإنقاء .
5- قال ابن القيم : " لم يجي الفصل بين المضمضة والاستنشاق في حديث صحيح البتة " ، وهذا يعني أنّ الحديث ضعيف لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم ، والثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديثين التاليين ، حديث علي وحديث عبدالله بن زيد ، وهو أنّ النبي صلى الله عليه وسلم لم يكن يفصل بين المضمضة والاستنشاق ، بل كان يتمضمض ويستنشق بماء واحد ، لأن الأنف والفم  في عضو واحدٍ وهو الوجه ، فلا داعي لأخذ ماء جديد للأنف .
[12] 1- درحة الحديث :  حديث علي صحيح ، وهو جزء من الحديث المتقدم برقم (34) . الكف : الراحة مع الأصابع
2- حديث علي يدل على استحباب المضمضة والاستنشاق من كف واحدة بغرفة واحدة ثلاثاً ، بمعنى أنه يأخذ كفاً من الماء فيتمضمض منه ثم يستنشق ويستنثر ، ثم يتمضمض ثم يستنشق ويستنثر ، ثم يتمضمض ثم يستنشق ويستنثر ، يعني يقسم هذا الكف بين المضمضة والاستنشاق كل واحدٍ منهما ثلاث مرات ، وهذا لا شك أنه إذا تيسر فهو أحسن ، لأنه أقصد في صرف الماء ، ولكن هذا بعيد ، لأنّ الماء لا يبقى للثانية والثالثة ، بل يسقطُ من فروجٍ الأصابعِ .
[13] 1- درجة الحديث : الحديث صحيح وهو جزء من الحديث المتقدم برقم (35) .
2- حديث عبدالله بن زيد يدل على استحباب المضمضة والاستنشاق من كف واحدة بثلاث غرفات ، وهذه الصفة وسط بين الصفتين السابقتين ، وكيفيتها أنك تأخذ كفاً فتتمضمض منه ثم تستنشق وتستنثر ، ثم تأخذ كفاً ثانياً فتتمضمض منه ثم تستنشق وتستنثر ، ثم تأخذ كفاً ثالثاً فتتمضمض منه ثم تستنشق وتستنثر ، هذا أكثر ما ورد في الجمع بين المضمضة والاستنشاق بثلاث غرفات ، وهذا أيسر بلا شك ، ومعناه واضح جداً .
3- وأحسن توجيه للجمع بين هذه النصوص هو إعمالها وحملها على تعدد الأحوال ، واختلاف الصفات مع كل مرة ، قال ابن القيم : " وكان صلى الله عليه وسلم يتمضمض ويستنشق تارة بغرفة ، وتارة بغرفتين ، وتارة بثلاث ، وكان يصل بين المضمضة والاستنشاق فيأخذ نصف الغرفة لفمه ، ونصفها لأنفه ، ولا يمكن في الغرف إلا هذا " ، وبهذا فيكون الصحيح من الصفات أنه لا يفصل بين المضمضة والاستنشاق ، ولكن قد يكون من غرفة واحدة ، وقد تكون من غرفتين ، وقد تكون من ثلاث غرفات ، وكلها ثابته وجائزة ولله الحمد .
4- قال صاحب السبل : " ومع ورود الروايتين الجمع وعدمه ، فالأقرب التخيير ، وأنّ الكل سنة ، وإن كان رواية الجمع أكثر وأصح " .
[14] 1- درجة الحديث : الحديث حسن ، رواه أبو داود وابن ماجه ، وصححه الألباني في صحيح أبي داود ، ووهم الحافظ في عزوه للنسائي . قال ابن القيم : " بقية ثقة صدوق حافظ ، وجهالة الصحابي لا تقدح في الحديث ، لثبوت عدالتهم ".
2- راوي الحديث : أنس إذا أطلق فهو أنس بن مالك رضي الله عنه ، سبق ترجمته .
3- مفردات الحديث : رأى رجلاً : يعني قد توضأ . مثل الظفر : يعني مقدار الظفر ، والظفر معلوم من الإنسان . أحسن وضوءك : أنكر عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وبيّن له أنّ وضوءه لم يتمّ ، وأنه يجب عليه الرجوع واستئناف الوضوء من جديد ، ولم يقل : اغسل هذا الموضع .
4- والحديث لمعناه شواهد تعضده في الصحيحين عن أبي هريرة وعبدالله بن عمرو بن العاص وعائشة رضي الله تعالى عنهم قالوا : ( إنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلاً توضأ فترك موضع ظفر على قدمه ، فأبصره النبي صلى الله عليه وسلم فقال : " وَيْلٌ لِلأعْقَابِ مِنَ النَّارِ " ) ، وفي الحديث الآخر ( أنّ النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجُلاً في قدمه لمعةَ قدرُ الدرهمِ لم يُصبُها الماءُ ، فأمرهُ أن يُعيدَ الوضوءَ ) أخرجه أحمد وأبو داود .
5- في الحديث دليل على وجوب تعميم أعضاء الوضوء ، وإن ترك شيء من العضو ولو قليلاً لا يصح معه الوضوء ، وقد نص الحديث على القدمين لأنها غالباً لا يصل إليها ماء الوضوء ، وبقية الأعضاء مقيسة عليها ، مع وجوب الموالاة بين أعضاء الوضوء ، كما أنّ الترتيب واجبٌ ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم  أمره بأن يرجع ليحسن وضوءه كله من أجل تأخير غسل الرجل عن بقية الأعضاء ، ولو لم تعتبر الموالاة لاقتصر على أمره بغسل ما تركه فقط ، وهذا إذا طال الزمن ، فإن كان قريباً فإنه يغسلُ الرِّجلَ في الحال ويكفيه ، فإن كانت اللمعة في اليدِ والوقت قريباً غسل اليدَ وما بعدها ، وإلا أعادَ الوضوء .
6- الفقهاء يقولون الموالاة معناها أن يوالي بين غسل الأعضاء ، فلا يؤخر غسل عضو حتى ينشف الذي قبله في زمن معتدل ، فإن أخرّ حتى يجفَّ العضو الذي قبله ، بطل الوضوء ووجبت عليه الإعادة.
7- في الحديث دليل على وجوب إنكار المنكر وتعليم الجاهل ، وعلى أنّ الجهل والنسيان لا يُسقطان الواجب ، وإنما يسقطان الإثم .
8- على ماذا يدل حديث عبدالله بن زيد في صفة الوضوء ، وحديث أنس رضي الله عنهما ؟ . 
[15] 1- درحة الحديث : حديث عبدالله بن زيد  حديث صحيح ، وأخرجه الحاكم وابن حبان .
2- مفردات الحديث : المُدّ : قدر ما يملأ الكفين المجموعتين الممدودتين للإنسان المعتدل ، وهو ما يسمى بالحَفْنة ، والمد وحدة كيل شرعية يسع رطل وثلث رطل ، فالصاع النبوي أربع أمداد ، ، وقد حُرِّر الصاع النبوي بالوزن المعاصر فبلغ ما 2500 غرام ، وهو أربعة أمداد ، فيكون المد  625 غرام من حب البر الجيد الرزين .يَدْلُكُ : الدلكُ هو إمرار اليد مع الماء على العضو .
3- وقد حررت هيئة كبار العلماء مقدار الصاع النبوي ، وانتهى التقدير إلى ثلاثة كيلوغرام تقريباً ، ولم يخالف في هذا التحديد إلا القليل ، وهذا هو الصاع النبوي الذي يُقدر به نصاب الزكاة ، وتُقدر به زكاة الفطر من رمضان ، ويُقدر فيه ماء الوضوء .
4- فكان صلى الله عليه وسلم يتوضأ  بثلثي مد وهذا أقل ما روي في مقدار وضوئه صلى الله عليه وسلم ، وأكثر ما روي في مقدار وضوئه صلى الله عليه وسلم أنه كان يتوضأ بالمد ، وكان صلى الله عليه وسلم يغتسل بالصاع إلى خمسة أمداد ، يعني من الصاع إلى الصاع والربع مع وفرة شعره صلى الله عليه وسلم ، هذا هو المقدار الذي كان يتطهر به صلى الله عليه وسلم من الحدث الأكبر .
5- كان من هديه صلى الله عليه وسلم الإقتصاد في الأمور ، حتى في الأشياء المتوفرة المبذولة ، إرشاداً للناس وتوجيهاً لهم إلى عدم الإسراف في الأمور ، ففي الحديث دليل على فضيلة الإقتصاد في ماء الوضوء والغسل وفي غيره ، وهو السنة ، فيستحب التقليل في الماء في الوضوء بقدر الحدّ الذي توضأ به النبي صلى الله عليه وسلم ، ومثله الغسل فإن هذا من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأن العبرة في الطهارة ليست في الإكثار من صب الماء ، وإنما العبرة في إسباغ الوضوء وإيصال الماء إلى جميع أجزاء العضو .
6- وأنّ الإسراف في الماء ليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم ، فهو حرام ، لأن فيه إهدار للماء بغير فائدة ، وفيه غلو في العبادة ، لأن كثرة صب الماء في الطهارة تُحدث الوسواس ، فإن الشيطان يتسلط على ابن آدم ويقول له : " أكثر فإنك لم تتوضأ " فلا يزال يزيد في صب الماء حتى يخرج الوقت ، وقال صلى الله عليه وسلم لسعدٍ : ( لا تسرف في الماء ولو كنتَ على نهرٍ جارٍ ) أخرجه ابن ماجه وأحمد من حديث ابن عمرو ، وهو ضعيف ، و لما روى أحمد والنسائي عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال : ( جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يسأله عن الوضوء فأراه ثلاثاً ثلاثاً وقال : هذا الوضوء ، فمن زاد على هذا فقد أساء وتعدى وظلم ) .
7- اختلف العلماء في حكم الدلك في الضوء ، هل هو مستحب أو واجب ، والصحيح عدم وجوبه ، وإنما الواجب جريان الماء على العضو ، فإذا جرى الماء على العضو كفى سواء دلكه أم لم يدلكه ، ففي الحديث دليل على استحباب دلك أعضاء الوضوء ، لأن ذلك من الإسباغ المستحب ، وأما فعله صلى الله عليه وسلم فيدل على الإستحباب ، لكن إذا كان الماء لا يصل إلى البشرة إلا بالدلك ، فهو واجب ، وليس وجوبه هذا الحديث ، إنما مراعاة للإسباغ الواجب وهو إتمام الوضوء .
8- وما أحسن جمع المصنف هذا الحديث مع الحديث الذي قبله " أنه رأى رجلاً في قدمه مثل الظفر ، فأمره أن يحسن الوضوء " وفي هذا الحديث بيان المقدار الذي كان صلى الله عليه وسلم يتوضأ به ، لئلا يفهم أن معنى إحسان الوضوء وإسباغه يكون بكثرة الماء ، بل المراد الإقتصاد في صب الماء مع تبليغه لسائر الأعضاء .
9- ما هو المقدار من الماء الذي كان يتوضأ ويغتسل به النبي صلى الله عليه وسلم ؟ .
[16] 1-  درجة الحديث : الحديث أخرجه مسلم وأبوداود والترمزي والنسائي . زيادة الترمزي  بسند جيد ، صخخها الألباني في صحيح الترمزي ، وهي لا تنافي الحديث ولا تعارضه ، وهي زيادة من ثقة ، فهي زيادة مقبولة ، رواها البزار والطبراني وابن ماجه والحاكم ، ولها طرق أخر ، فيجب العمل بها وأن يدعو بهذا الدعاء بعد الشهادتين ، وقد غلط سيد سابق في كتابه فقه النسة في تضعيفها .
2- ترجمة راوي الحديث : عمر بن الخطاب ، ثاني الخلفاء الراشدين ، كان نادرة الوجود طوال حقبة التاريخ ، ملأ الآفاق حكماً وعدلاً وفتحاً ، وكان سفير قريش في الجاهلية ، أسلم في ذي الحجة سنة ست من النبوة ، شهد المشاهد كلها ، له مشاهد وفتوح في العراق وفارس والشام ومصر وغيرها ، قتله أبو لؤلؤة غلام المغيرة بن شعبة ، فتوفى شهيداً غرة محرم سنة 24 هـ .
3- مفردات الحديث : اللهم : هذا نداء أصله يا الله ، ثم حذفت ياء النداء ، وعوِّض عنها الميم التي في آخر لفظ الجلالة . التّوابين : جمع تواب ، وهو كثير التوبة ، والتوبة معناها الرجوع إلى الله سبحانه وتعالى والتوبة من الذنوب التي تشمل كل المعاصي ، فمن تاب توبة صادقة تاب الله عليه . المتطهرين : أي متطهرين من جميع الذنوب والمعاصي وكذلك المتطهرين من الحدثين الأكبر والأصغر ، قال تعالى : ( إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(البقرة: 222) .
4- في الحديث دليل على فضيلة إسباغ الوضوء وإتمامه ، وما يعود على صاحبه من الثواب الجزيل ،  وفضل هذا الذكر الجليل ، وهو مستحب بعد الفراغ من الوضوء والغسل والتيمم ، فالإتيان به بعد إسباع الوضوء مع إخلاص وصدق وإيمان وإنقياد ، والنطق بالشهادتين معتقداً لمعناهما عاملاً بمقتضاهما ، من أقوى الأسباب في دخول الجنة .
5- كل حديث في أذكار الوضوء التي تقولها العامة عند كل عضو بدعة لا أصل لها ، وأحاديثها مختلفة مكذوبة ،  من ذلك ما يقال عند غسل الوجه : " اللهم بيِّض وجهي يومَ تبيضُّ الوجوهُ وتسودُّ الوجوه "، وعند غسل اليدين : " اللهم أعطني كتابي بيميني " ، وعند مسح الرأس : " اللهم أظلني تحت ظل عرشك يومَ لا ظلَ إلا ظلُك " ، وعند غسلِ الرجلين : " اللهم ثبت قدمي على الصراطِ " ، ولم يثبت عن الرسول صلى الله عليه وسلم إلا التسمية في أول الوضوء وهذا الذكر الوارد في حديث عمر في آخره ، ولا نُقل عن أحد من الصحابة ولا التابعين ولا الأئمة الأربعة " ، وقال النووي : " الأدعية في أثناء الوضوء لا أصل لها " .
6- للتوبة النصوح شروط : أحدها : الندم على ما وقع من الذنب . الثاني : الإقلاع عن الذنب إن كان متلبساً به . الثالث : العزم على أن لا يعود إليه في المستقبل . الرابع : الإخلاص لله تعالى في التوبة . الخامس : أن يتوب قبل حضور الأجل ومقدمات الموت . السادس : إن كان الحق الذي عليه لآدمي ، تخلَّص منه بأي طريق ووسيلة .
7- سؤال : من الذي تجب له الجنة وتفتح له أبوابها ؟  نسأل الله من فضله – وهل يصح الدعاء عند غسل كل عضو ؟.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق