بسم الله الرحمن الرحيم
الرسالة الخامسة
وسطية أهل السنة والجماعة - للشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي
إن الحمد لله ، نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه ونتوب إليه ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، أما بعد :
1- فنحمد الله أن جعلنا جميعا من أهل السنة ، ففي ذلك اصطفاء لنا واختيار تكريم من الله تبارك وتعالى ، لمن كان كذلك ،ونحمده أن جمعنا لنعرف بعضاً من خصائصهم ومناقبهم العظيمة ، التي ميزهم الله تبارك وتعالى بها عن سائر أهل الإسلام . . .
2- تعلمون أن الله تبارك وتعالى يخلق ما يشاء ويختار ، وقد اختار أمة محمد r على سائر الأمم والملل ، يقول تعالى : ( ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ الَّذِينَ اصْطَفَيْنَا مِنْ عِبَادِنَا فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ) ، ويقول تبارك وتعالى : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ )، ويقول تبارك وتعالى : ( وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً )[1] ، فهذه الأمة أوتيت الكتاب واصطفيت ، وكانت خير أمة أخرجت للناس ، وهي شهيدة على الناس يوم القيامة ، حين يشهد عليها رسولها r .
3- والله تبارك وتعالى اختص واختار من هذه الأمة المصطفاة المختارة ، طائفة بعينها ، هي في هذه الأمة ، كأمة الإسلام بين أهل الأديان وسائر الملل ، وهذه الفئة والطائفة ، هي ما نسميه أهل السنة والجماعة ، ولهذه التسمية مدلولها ففيها وبها يتميز المنهج والخاصية العظمى لأهل السنة والجماعة .
4- أهل السنة والجماعة - كما يتضح من اسمهم - أول ما يميزهم وأعظم خاصية لهم هي أنهم يتمسكون بكتاب الله تبارك وتعالى وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قولا وعملا واعتقادا ظاهرا وباطنا ، فلا يأخذون دينهم وإيمانهم واعتقادهم من غير كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كائنا من كان ذلك المصدر ، ولا يقدمون بين يدي الله ورسوله ، ولا يرفعون أصوتهم فوق صوت رسول الله r ولا يرضون أن يرفع أحدا صوته فوق صوت رسول الله r بأن يحدث في هذا الدين أمرا مخالفا لهديه ، مجانبا لسنته .
5- وبضدها تتميز الأشياء : فإذا قارنا بين هذا المنهج العظيم وبين غيره من المناهج ، فإن ذلك الفرق يبدو جليا واضحا ، ولسنا في صدد تبيان تلك المناهج بالتفصيل ولكن لو نظرنا نظرة إجمالية ، لوجدنا أن المناهج هي في الأصل ثلاثة :
6- المنهج الأول : هو ذلك المنهج الذي ينحى المنحى العقلي ، الذي يدعي بزعمه العقل ، وتحكيم
العقل والمنطقية والنظريات العقلية .
7- والمنهج المضاد : هو ذلك المنهج الذي يستقي ويستمد ، من الكشف أو من الذوق أو من الوجد وما شابه ذلك - أي المعايير غير العقلية - معيار العاطفة ، أو معيار الظن .
وبإيجاز نقول أن الأول هو منحى أهل الكلام عموما من معتزلة وأشعرية ومن جرى مجراهم ، هذا المنحنى يجعل الدين والإيمان والعقيدة فكرة عقلية ، فالإيمان عندهم فكرة عقلية .
والمنهج المضاد ، هو منهج أهل التصوف والتفهم بغير المشروع ، وهؤلاء يجعلون الإيمان والعقيدة تجربة روحية ، ولهذا يصعب حصر الطريقتين ، لان العقول تختلف وتتباين ، و التجارب الروحية الذاتية أكثر اختلافا وأكثر تباينا .
والمنهج المضاد ، هو منهج أهل التصوف والتفهم بغير المشروع ، وهؤلاء يجعلون الإيمان والعقيدة تجربة روحية ، ولهذا يصعب حصر الطريقتين ، لان العقول تختلف وتتباين ، و التجارب الروحية الذاتية أكثر اختلافا وأكثر تباينا .
8- وميز الله تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة بالرجوع إلى الكتاب والسنة ، فعرفوا للعقل قيمته ومنزلته ، وعرفوا للحقائق والأذواق الإيمانية الحقة ، قيمتها ومنزلتها ، والحكم في ذلك كله هو النص من الوحي من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، كما قال الله تبارك وتعالى لنبيه محمد r : ( قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ)[2] .
9- ولا يوجد عند أهل السنة والجماعة تصور معارضة أو تضاد بين العقل الصحيح السليم ، وبين الوحي ، ولا بين الذوق الإيماني الصحيح وبين الوحي ، فضلا عن أن يقول كما قال أولئك : " عند التعرض يقدم العقل ، أو يقدم الكشف ، أو يقدم أي شيء غير كتاب الله وسنة رسوله r ،
بل إن من أصول أهل السنة والجماعة : أن أقوال أئمة أهل السنة والجماعة ابتداء من الصحابة الكرام ومرورا بالتابعين ثم بالأئمة الأربعة والسلف الصالح أجمعين ، أقوال هؤلاء - على الرغم من قدرهم وفضلهم - لا يمكن بأية حالة من الأحوال أن يعارض بها نص من الكتاب والسنة على الإطلاق ، وانما هي في منزلة بعد منزلة النص عن رسول الله r فلا يمكن أن يقدموا قول أحد ، كائن من كان على قول رسول الله r وإن كان صحابيا ذا فضل ، أو إماما مجتهدا ، فضلا عن أن يقدموا على كلامه أحد لمبتدعة أو الضالين أو أصحاب الكلام وأصحاب الأذواق والموازين والكشوفات الباطلة .
وبهذا تميز منهج أهل السنة والجماعة ، وينقلنا إلي الميزة الأخرى :
بل إن من أصول أهل السنة والجماعة : أن أقوال أئمة أهل السنة والجماعة ابتداء من الصحابة الكرام ومرورا بالتابعين ثم بالأئمة الأربعة والسلف الصالح أجمعين ، أقوال هؤلاء - على الرغم من قدرهم وفضلهم - لا يمكن بأية حالة من الأحوال أن يعارض بها نص من الكتاب والسنة على الإطلاق ، وانما هي في منزلة بعد منزلة النص عن رسول الله r فلا يمكن أن يقدموا قول أحد ، كائن من كان على قول رسول الله r وإن كان صحابيا ذا فضل ، أو إماما مجتهدا ، فضلا عن أن يقدموا على كلامه أحد لمبتدعة أو الضالين أو أصحاب الكلام وأصحاب الأذواق والموازين والكشوفات الباطلة .
وبهذا تميز منهج أهل السنة والجماعة ، وينقلنا إلي الميزة الأخرى :
10- فمنهجهم قائم على العلم : فهم في كل أمر ، وفي كل حكم يطلبون الدليل من الكتاب والسنة ، ولهذا نجد أن علماء السنة - الذين كتبوا والذين لم يدونوا - نجد أنهم جميعا من أهل السنة والجماعة ، وأهل السنة والجماعة أكثر طوائف الأمة حرصا على السنة وتدوينا لها ، وحفظا ، وإن وجد من غيرهم من يهتم بها فهو لخدمة هوى في نفسه ، أو ليخلط حقاً بباطل ، ولا يخلوا من ذلك .
أما أهل السنة والجماعة فيهتمون بكتاب الله عز وجل حفظا وتلاوة ، ويهتمون بسنة النبي r حفظا وفهما ، وكذلك تصحيحا وتضعيفا ، فالحديث الضعيف ، فضلا عن الموضوع لا يعتد به ولا يعمل به ، فضلا عن الكشوفات ، أو الآراء أو المنامات التي يعتمد عليها غيرهم .
فهم إذا يتميزون بالبصيرة وبالمنهج الصحيح ، وهو منهج العلم المتلقى عن رسول الله r بواسطة الرجال الثقات الذين لم تشهد أمة من الأمم على الإطلاق مثلهم في الحصر والضبط والدقة والفهم والاستنباط .
أما أهل السنة والجماعة فيهتمون بكتاب الله عز وجل حفظا وتلاوة ، ويهتمون بسنة النبي r حفظا وفهما ، وكذلك تصحيحا وتضعيفا ، فالحديث الضعيف ، فضلا عن الموضوع لا يعتد به ولا يعمل به ، فضلا عن الكشوفات ، أو الآراء أو المنامات التي يعتمد عليها غيرهم .
فهم إذا يتميزون بالبصيرة وبالمنهج الصحيح ، وهو منهج العلم المتلقى عن رسول الله r بواسطة الرجال الثقات الذين لم تشهد أمة من الأمم على الإطلاق مثلهم في الحصر والضبط والدقة والفهم والاستنباط .
وما يميز أهل السنة والجماعة ويختصون به دون غيرهم من الطوائف :
11- أنهم أمة وسط : وهذه الوسطية تتجلى في أمور الإيمان والعقيدة جميعا ،وكما أن هذه الأمة - أي أهل القبلة عموما - جعلها الله تبارك وتعالى أمة وسطا فأهل السنة هم وسط أهل هذه الأمة وخيارها ، وهم أصحاب المنهج الوسط في هذه الأمة ،ولو أخذنا نضرب الأمثلة من أبواب العقيدة باباً باباً ،لطال بنا المقام ، ولكن نوجز ذلك بما يتضح به المنهج القويم ، فمثلا :
12- في صفات الله تبارك وتعالى : نجد إن الطوائف قد ضلت ، فمنهم من اثبت وغلا في الإثبات ، حتى مثل الله تبارك وتعالى بخلقه ، وهؤلاء هم أهل التمثيل ، أو التشبيه وهؤلاء - كما عبر السلف - عباد صنم لأنهم جعلوا صفات الله تبارك وتعالى مماثلة لصفات المخلوقين ، وفي المقابل نجد أولئك الذين نفوا صفات الله تبارك وتعالى ، وغلوا بالتنزيه - بزعمهم - حتى لم يثبتوا له تبارك وتعالى شيئا من صفاته ، أو أنكروا بعضا منها ، وهؤلاء - كما قال السلف - المعطل عابد عدم ، وصفوا الله تبارك وتعالى بالعدم ، والممثل عابد صنم .
13- فنقول - نحن أهل السنة والجماعة - - مثلا - في صفة العلو : نقول ونؤمن ونعتقد كما كان النبي r وأصحابه ، أن الله تبارك وتعالى على العرش [3]، وأنه فوق جميع المخلوقات .
فيقول هؤلاء - أي الممثلة - : استوى كالمخلوقين ! ويقول أولئك - أي المعطلة - : لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا يمينه ولا شماله! - نعوذ بالله من الزيغ والضلال –
فأهل السنة وسط ، يثبتون لله تبارك وتعالى كلما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله r من الصفات ، إثباتا لا تمثيل فيه ، وينفون عن الله سبحانه وتعالى ما لا يليق به نفيا لا تعطيل فيه ، من غير تحريف ومن غير تكييف وهذه هو المنهج السليم الصحيح الذي كان عليه أهل والجماعة جميعاً ، ولننتقل إلى باب آخر :
فيقول هؤلاء - أي الممثلة - : استوى كالمخلوقين ! ويقول أولئك - أي المعطلة - : لا داخل العالم ولا خارجه ولا فوقه ولا تحته ولا يمينه ولا شماله! - نعوذ بالله من الزيغ والضلال –
فأهل السنة وسط ، يثبتون لله تبارك وتعالى كلما أثبته لنفسه أو أثبته له رسوله r من الصفات ، إثباتا لا تمثيل فيه ، وينفون عن الله سبحانه وتعالى ما لا يليق به نفيا لا تعطيل فيه ، من غير تحريف ومن غير تكييف وهذه هو المنهج السليم الصحيح الذي كان عليه أهل والجماعة جميعاً ، ولننتقل إلى باب آخر :
14 - في باب الإيمان [4] والأحكام والأسماء : نجد أن بعض طوائف الأمة قد غلت ، حتى كفرت من يرتكب ذنبا من الذنوب دون الكفر أو الشرك ، وأخرجته من الملة ، أو حكمت عليه بالخلود في النار ، ونجد في المقابل ، من استهان وفرط في الأمر ، حتى سل أهل المعاصي والكبائر والفجور وجعلهم مؤمنين كاملي الإيمان ! :
أ- فالخوارج – مثلا - وتبعهم في ذلك المعتزلة ، يقولون أن مرتكب الكبيرة كافر - كما تقول الخوارج
- أو هو في منزلة بين الإيمان والكفر - كما تقول المعتزلة - فغلوا في ذلك ، فجاءوا إلي كل ما ذكر الله تبارك وتعالى أو رسوله r من المعاصي والكبائر ، كالزنى وشرب الخمر والسرقة وأمثالها ، فجعلوا فاعل ذلك كافر ، خارج عن الملة مثل من عبد غير الله تبارك وتعالى ، هذا غلو ، رغم أن هذا الغلو كانت تصحبه العبادة ، ويصحبه الزهد بالدنيا ، كما سيأتي إن شاء الله فيما يتعلق في هذه الخاصية .
ب- وأما المرجئة ، فانهم قالوا أن العبد إذا قال " لا اله إلا الله " وشهد لله تعالى بالوحدانية وأقر r بالرسالة ، فإنه مؤمن كامل الإيمان ، وإن عمل ما عمل ! وأنكروا أن الإيمان يزيد وينقص .
وكلا هذين الطرفين خرج عن الجادة الصحيحة وعن الصراط المستقيم ، وعن ما جاء في كتاب الله وسنة رسوله r فيما هو معلوم - كما لا يخفى على أحد يقرا كتاب الله عز وجل - أن الله تارك وتعالى فرق في الحكم بين من يشرك به فيعبد غيره وبين من يرتكب شيئا من هذه المعاصي ، كما فرق النبي r والأدلة كثيرة ، لا تحصى ، وهو r رجم الزاني وقطع يد السارق وجلد شارب الخمر ، فلو كانت كل هذه الذنوب ردة وكفر كالكفر الأكبر المخرج من الملة ، لكان حكمها واحد ولا تفريق بينها ، وأيضا للمرجئة : لو كان العاصي والفاجر ، كامل الإيمان ، فما معنى تلك الآيات العظيمة التي جاءت في صفات المؤمنين وفي بيان أحوالهم وما يتميزون به عن غيرهم ، وتلك الآيات الصريحة القطعية من كتاب الله تعالى في بيان أن الإيمان يزيد وينقص ، وما جاء أيضا في سنة رسول الله r .
ج- فوفق الله تبارك وتعالى أهل السنة ، فكانوا الأمة الوسط بين هؤلاء وهؤلاء [5].
15- وإذا انتقلنا الى باب آخر من أبواب العقيدة والإيمان : ننتقل إلى باب القدر :
الذي ضلت فيه العقول والافهام التي ابتعدت عن كتاب الله وسنة رسوله r، وفق الله تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة فكانوا على الجادة والصراط المستقيم :
أ- فان القدرية - أي الذين نفوا القدر ولم يثبتوه - غلوا في تحميل العبد للمسؤولية عند فعل المعصية ، فقالوا : العبد مسؤول عما يفعل من المعاصي ، وغلوا في ذلك حتى قالوا : إن الله تعالى لم يقدر عليه هذه المعاصي ولم يخلقها ، ثم غلوا حتى جعلوا جميع أفعال العبد هو الذي يستأنفها من عند نفسه والله تبارك وتعالى لم يكتبها عليه ، ولم يقدرها عليه ، وغلا بعضهم فقال لا يعلم الله بها إلا بعد وقوعها ! - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - كل ذلك غلو وجموح وجنوح عن الصراط القويم .
ب- فقابلتهم الجبرية وقالوا لا حيلة للعبد ولا إرادة له ولا اختيار ، وغلوا في إثبات القدر ، حتى آل بهم الأمر إلى أن جعلوا الإنسان كالريشة في مهب الريح لا إرادة له ولا اختيار ، فكل الأمور بالقدر وكل شيء قدره الله ، حتى إذا فعلوا المعاصي وانتهكوا حرمات قالوا : هذا بقدر الله ، وليس لنا بذلك أي ذنب !وهؤلاء وهؤلاء في ضلال مبين .
ج- ووفق الله تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة فمشوا وتمشوا بصريح القرآن والسنة ، فأثبتوا أن الله سبحانه وتعالى هو الخالق لأفعال العباد كما هو الخالق لكل شيء ، قال تعالى : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) ، وفي نفس الوقت أثبتوا أن العبد هو الفاعل ، فالعبد هو الذي يفعل أفعاله -كما هو في كتاب الله سبحانه وتعالى : ( فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ) ، - فالعبد هو الفاعل ، والله تعالى هو الخالق ، وفعل العبد بناء وبمقتضى مشيئة وإرادة خلقها الله تعالى فيه ، وأعطاه إياها ، ولكن كما قال : ( وَمَا تَشَاءُونَ إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) ، فالمشيئة التي تنفذ وتتحقق ولا يردها شيء هي مشيئة الله تبارك وتعالى ، والعبد مع إن له مشيئة يتصرف بها ويكون مسؤولاً عما تمليه عليه من الأعمال، إلا أن هذه المشيئة لا تكون إلا بعد مشيئة الله سبحانه وتعالى ، وكل ذلك في علمه تبارك وتعالى ، فهو كما صرح في القران وفي الحديث : ( وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ فِي إِمَامٍ مُبِينٍ) ، وكتب مقادير كل شيء عنده قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسون ألف سنة - كما في الحديث الصحيح - فأهل السنة والجماعة لا يردون أي آية ولا حديث في القدر بحجة أنه يؤدي إلى الجبر أو يؤدي إلى نفي مسؤولية العبد ، ويؤمنون بالجميع [6].
وأما أولئك ، فإنهم لا بد يردوا : فالقدرية النفاة ، يردون كل حديث أو آية تدل على إثبات القدر - في بدعتهم تدل على الجبر - كقوله تعالى : ( وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى) ، وكالحديث الصحيح المتفق عليه في محاجة آدم وموسى عليهما السلام ، عندما تحاجا فقال موسى لآدم : ( أنت أبونا الذي خيبتنا وأخرجتنا من الجنة ) فقال آدم عليه السلام : ( أنت موسى الذي اصطفاك الله برسالته وبكلامه تلومني بأمر قد كتبه الله علي قبل أن يخلقني بأربعين عاما ) يقول r: ( فحج آدم موسى ) ، وكذلك حديث عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه ، وهو المسمى حديث الصادق المصدوق الذي يقول في أوله : ( حدثني رسول الله r وهو الصادق المصدوق : أن أحدكم ليجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوماً نطفة ثم يكون علقة مثل ذلك ثم مضغة مثل ذلك ثم يرسل الله تعالى الملك فيأمره بنفث الروح ويأمر بكتب أربع كلمات رزقه وأجله وعمله وشقي أم سعيد ، والله الذي لا إله غيره إن أحدكم ليعمل بعمل أهل الجنة حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل النار فيدخلها ، وإن أحدكم ليعمل بعمل أهل النار حتى ما يكون بينه وبينها إلا ذراع فيسبق عليه الكتاب فيعمل بعمل أهل الجنة فيدخلها ) فأيضا أنكروا هذا الحديث وأنكروا كثيراً من الأحاديث رغم ثبوتها وصحتها لأنها بزعمهم تفضي إلى الجبر. كما أن أولئك أنكروا كل ما يدل على استقلال العبد بفعله وأنه هو الذي يفعل ، وبذلك أنكروا كل ظواهر القرآن وصريحه في أن العبد هو الذي يعمل ، كقوله تعالى : ( فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ) [7] ، فأنكروا أن العبد هو الذي يعطي أو يصدق أو يكذب أو يبخل وجعلوا الفعل كله له تبارك وتعالى. المقصود أن الله تعالى وفق أهل السنة والجماعة فآمنوا بكل الآيات وبكل الأحاديث وكانوا وسطا بين القدرية والجبرية .
16- إذا انتقلنا الى موضوع آخر نجد أيضا هذه الوسطية : وهو موضوع الصحابة الكرام أصحاب النبي r :
أ- فالرافضة يلعنون أصحاب النبي r بل يكفرونهم إلا نفر يسير معدودين - يقولون إنهم علي وأصحابه الذين والوه - .
ب- والخوارج بالمقابل يكفرون علي بن أبى طالب وعثمان رضي الله تعالى عنهما ويكفرون من والاهما
ج- فوفق الله تبارك وتعالى أهل السنة والجماعة - أهل الدليل والاتباع والأثر - فهم يوالون أصحاب رسول الله r جميعا ويترضون عنهم جميعا ولا يكفرون أحدا منهم ، وإنما يؤمنون ويقرون بما أثبته الله تبارك وتعالى من فضلهم ومن الكرامة لهم ومن السابقة ومن الإحسان، ويؤمنون بأن ترتيبهم في الفضل كترتيبهم في الخلافة ، فلا يذموهم -كما فعلت الرافضة- ولا يكفرونهم أو يكفرون بعض منهم -كما فعلت الخوارج - وأيضا لا يغلون في حب أحد منهم ، حتى أبا بكر الصديق - وهو أجلهم جميعاً- لا يبالغون فيه ولا يرفعونه فوق درجته الحقيقية - كما فعلت الرافضة حين رفعت أمير المؤمنين علي بن أبى طالب رضي الله عنه إلى درجة الألوهية فجعلوه إلها من دون الله وبعضهم جعله في منزلة النبوة نسأل الله العفو والعافية – ، الله سبحانه وتعالى وفق أهل السنة والجماعة ، فكانوا على الطريق القويم والوسط ، لا مع هؤلاء ولا مع هؤلاء ، وكذلك أهل بيت النبي r يحبونهم ويوالونهم ولا يعظمونهم ويخرجوهم من منزلتهم التي هم عليها حقاً، ولا يرضون لما نالهم من الأذى ، ولا يؤذونهم بل يحبونهم المحبة الشرعية التي جعلها الله تبارك وتعالى لسائر المؤمنين وزيادة لقرابتهم من النبي r .
17- ومن خصائص أهل السنة والجماعة ، التي لا يشاركهم فيها غيرهم : أنهم موعودون بالنجاة من عذاب الله تبارك وتعالى يوم القيامة:
وذلك مبني على أنهم هم الطائفة المهتدية التي ثبتت على الصراط المستقيم في هذه الحياة الدنيا ، وأن غيرهم متوعد بالهلاك وبالعقوبة في الآخرة . وعندما نقول أن أهل السنة موعودون بالنجاة وأن غيرهم متوعد بالهلاك ، لا يعني ذلك أن كل فرد من أهل السنة والجماعة هو ممن يدخل الجنة ابتداء، كما لا يعني ذلك أن كل فرد من غير أهل السنة والجماعة لا يدخل الجنة انتهاء أو لا يدخلها ابتداء ، ولكن من حيث الجملة أهل السنة موعودون بالنجاة وأهل البدع متوعدون بالهلاك . . .
ثم أهل البدع طوائف ، فمن خرج عن الملة فهذا حكمه حكم المشركين والمنافقين في النار خالدا فيها مخلدا - نسأل الله السلامة والعافية- وغيرهم ، فإن الله سبحانه وتعالى ينصب الميزان يوم القيامة وتوضع حسناتهم وسيئاتهم في كفتي الميزان فما رجح منها فإن الله تعالى لا يظلم أحدا ، فهم يدخلون في أهل الكبائر الذين تنالهم شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم ابتداء وقد تنالهم بعد دخول النار فيخرجون منها .
أما أهل السنة والجماعة فمن كان منهم تام الاهتداء في الدنيا ، فهو تام النجاة في الآخرة ، كما قال تبارك وتعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [8] ، فمن كان تام الاهتداء منهم تاركا للظلم - الذي هو الشرك بطبيعة الحال ، وليس في أهل السنة والجماعة مشرك - وتاركا للظلم الأصغر- وهو المعاصي والذنوب - مجتنبا للكبائر فهذا يكون ناجيا النجاة الكاملة يوم القيامة .
أما أهل السنة والجماعة فمن كان منهم تام الاهتداء في الدنيا ، فهو تام النجاة في الآخرة ، كما قال تبارك وتعالى : ( الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [8] ، فمن كان تام الاهتداء منهم تاركا للظلم - الذي هو الشرك بطبيعة الحال ، وليس في أهل السنة والجماعة مشرك - وتاركا للظلم الأصغر- وهو المعاصي والذنوب - مجتنبا للكبائر فهذا يكون ناجيا النجاة الكاملة يوم القيامة .
وأما من كان من أهل السنة والجماعة ولكنه على معصية من المعاصي -كالزنى والسرقة أو شرب الخمر أو ما شابه ذلك - فإنه يدخل في الوعيد الذي توعد الله سبحانه وتعالى به من فعل ذلك ، ولكنه مع دخوله في الوعيد ، الشفاعة له أرجى بلا شك ممن كان من أهل الكبائر من غير أهل السنة والجماعة ، فمن كان من أهل السنة والجماعة فهو أرجى وأقرب إلى رحمة الله تبارك وتعالى من غيره .
وقد قال رسول الله r : ( افترقت اليهود على إحدى وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ، وستفترق هذه الأمة على ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة ) قيل: ومن هم يا رسول الله ؟ قال : ( الجماعة ) وفي رواية : ( من كان على ما أنا عليه وأصحابي ) . فهذا الوعيد لأهل الفرق ، قال تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ) ، الذين خالفوا وصية الله سبحانه وتعالى العاشرة : قال تعالى : ( وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [9]، هؤلاء الذين خالفوا هذه الأوامر وأمثالها يشملهم الوعيد فهم من الاثنتين والسبعين المتوعدة بالنار " كلها في النار إلا واحدة " هذه الواحدة هي الجماعة هي أهل السنة ، هي من كان على مثل ما كان عليه النبي r وأصحابه ، فبذلك يتبين لنا معنى هذا الحديث .
18- وهذا ينقلنا إلى قضية المفاضلة بين أهل السنة والجماعة وغيرهم :المفاضلة بين أهل السنة وأهل البدع :
وهو أن يقال : أن في غير أهل السنة والجماعة من أهل البدع التي لا تخرج عن الملة أهل الشبهات - ولا سيما الشبهات العلمية التي قد تخفى على بعض الناس كالإرجاء غير الغالي وما شابهها - هؤلاء فيهم من العبادة والزهد والجهاد والخير الشيء الكثير - وهذا واقع - ولكن نقول إنه - من حيث الجملة - ما من خير ولا خصلة عند غير أهل السنة والجماعة إلا ولأهل السنة والجماعة من ذلك النصيب الأوفر والكمال في هذه الصفة وفي هذه الخصلة ، فأهل السنة والجماعة منهم المجاهدون ومنهم القراء ومنهم العلماء ومنهم الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ومنهم الحافظون لحدود الله ومنهم الزهاد ومنهم كل أهل المناقب والفضل في هذه الأمة ، فخيريتهم مطلقة ، وأما غيرهم وإن شاركهم في شيء من هذه الخيرية فإن ما شاركهم فيه عند أهل السنة والجماعة أكثر وأوفر ونصيب أكبر ، وأيضا سيئات بعض أفراد أهل السنة والجماعة ، يوجد عند أهل البدع مثلها وأكبر منها .
19- وأهل السنة والجماعة وسط حتى في حياتهم العملية: فمن أهل السنة والجماعة من كان يلي القضاء ، ومن كان يلي بعض المناصب ، ومن كان ذا مال وسعة وفضل ، وفي أصحاب رسول الله r الأسوة الكاملة فقد كان فيهم أهل الثراء والغنى ، كما كان في أصحاب النبي r أيضا أهل الفاقة والفقر ، وأهل الصبر والزهد ، وكان في أصحاب النبي r أهل العبادة والذكر ، كما كان فيهم أهل الجهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
ومن بعدهم حصل عندهم الاضطراب في ذلك ، فبعضهم مال إلى الدنيا وركن إليها ولم يتحرز في قبول أي ولاية ولم يتحرز من قبول أي منصب ولا في التوسع في الدنيا والأخذ منها ، وقالوا هذه خيرات وطيبات أحلها الله فتوسعوا في ذلك توسعاً أخرجهم عما كان عليه السلف من التقلل من الدنيا والرغبة في الآخرة وصدق التوجه إلى الله سبحانه وتعالى.
ومنهم طائفة مالت إلى العكس : فأخذوا بالزهد وتركوا متاع الحياة الدنيا ، حتى أنهم حرموا الطيبات ، أو على الأقل نظروا إلى من يأخذ شيئا من الطيبات بأنه خارج عن الصواب وعن إصابة الحق .
فهذا الأمر وان كان أمرا واقعيا عملياً - أي في التطبيق العملي - إلا أنه يوصلنا ويدلنا على توسط أهل السنة والجماعة فيه .
20- خاصية عظمى يتميز بها أهل السنة والجماعة : وهي أنهم يدخلون في الإسلام كله ويجمعون الدين كله : وأما غيرهم فإن حاله كحال النصارى الذين قال الله تبارك وتعالى فيهم : ( فَنَسُوا حَظّاً مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ ) ، فهؤلاء نسوا حظاً مما ذكروا به فكان ، ( فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ ) ، ووقع بينهم التنازع ، فالصحابة الكرام ومن سار على منهجهم من أهل السنة والجماعة جمعوا الدين كله من جميع جوانبه فكانوا كما قال الله تبارك وتعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً ، ادخلوا في الدين كله ، آمنوا بآيات وأحاديث الوعيد وآمنوا بآيات وأحاديث الوعد ، آمنوا بالآيات والأحاديث التي تثبت صفات الله سبحانه وتعالى وآمنوا بالآيات والأحاديث التي تنفي مشابهة الله سبحانه وتعالى لما خلقه من خلقه وتثبت أنه سبحانه وتعالى : ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ) [10]، من آمنوا بالآيات التي تدل على أن صاحب الكبيرة متوعد وأنه معرض للخطر ، وفي نفس الوقت آمنوا بالآيات التي تدل على أن المؤمنين المتقين المحسنين الأبرار في درجة عليا ومنزلة عظمى .
21- وبذلك كانوا أمة واحدة مجتمعة على الحق ومجتمعة على الهدى . . . فهم حققوا عبادة الله تبارك
وتعالى التي لا تتحقق إلا بأن يكون له جل شأنه كمال الحب وكمال الخضوع وأن يخاف وأن يرجى ، ولا بد أن تجتمع أوصاف الرجاء والحب والخضوع ، فهذه هي العبودية الحقة ، كما قال تعالى : ( إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) ، وكما روي عن أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه ، يقول : ( كان أكثر دعاء النبي r : ( رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [11] ، فهذا كان شأنهم ،أما غيرهم فانهم أخذوا جزء من الدين وتركوا الباقي .
فالذين أخذوا جانب الحب وقالوا نعبده تعالى بالحب ، قال فيهم السلف : " من عبد الله تعالى بالحب وحده فهو زنديق " لأنهم قالوا أن المحب لا يؤاخذ المحب ، فلهذا فعلوا ما شاءوا ونسوا الخوف والرجاء والخضوع . والذين عبدوا الله تبارك وتعالى بالخوف فقط ، وتركوا الرجاء وأهملوه -كما فعلت الخوارج هؤلاء الحرورية -قال السلف فيهم : " ومن عبد الله بالخوف وحده فهو حروري " يعبدون الله بالخوف وينظرون إلى جانب الخوف فوصل ذلك بهم إلى تكفير مرتكب الكبيرة والى القنوط وإلى اليأس من رحمة الله سبحانه وتعالى وإلى سوء الظن بالله تبارك وتعالى وإلى إنكار شفاعة النبي r وشفاعة عباد الله الصالحين ، كل ذلك نتيجة إنهم أخذوا بجانب الخوف فقط وتركوا الرجاء
والمرجئة عبدوا الله بالرجاء وحده وتركوا جانب الخوف فأصبحوا يرون أن من قال لا اله إلا الله فقد وجب الجنة ، وإن عمل ما عمل ! وأهدروا جانب الخوف الذي قال عنه السلف " الخوف والرجاء كجناحي الطائر لو لم يكن له جناحان لما طار " فلا بد من وجودهما معا ، لتكون الحركة متزنة صحيحة . ووفق الله أهل السنة والجماعة فكانوا جامعين بين الخوف والرجاء وبين المحبة والخضوع ، وهذه هي العبودية الحقة والتأله الصحيح لله تبارك وتعالى.
والمرجئة عبدوا الله بالرجاء وحده وتركوا جانب الخوف فأصبحوا يرون أن من قال لا اله إلا الله فقد وجب الجنة ، وإن عمل ما عمل ! وأهدروا جانب الخوف الذي قال عنه السلف " الخوف والرجاء كجناحي الطائر لو لم يكن له جناحان لما طار " فلا بد من وجودهما معا ، لتكون الحركة متزنة صحيحة . ووفق الله أهل السنة والجماعة فكانوا جامعين بين الخوف والرجاء وبين المحبة والخضوع ، وهذه هي العبودية الحقة والتأله الصحيح لله تبارك وتعالى.
22- وظهر أثر الإيمان الحقيقي والصدق في العبودية في نصر الله تبارك وتعالى لأهل السنة وفي تأييده إياهم : فإن الله سبحانه وتعالى أظهر أهل السنة والجماعة بالحجة والبرهان فلم يوجد طائفة على الإطلاق من أهل الكلام أو من الخوارج أو من الرافضة أو المرجئة أو سائر الطوائف الضالة ، طائفة أفحمت أهل السنة والجماعة بالحجة والبيان ، بل جعل الله تعالى حجة أهل السنة ظاهرة وجعل كلمتهم هي العليا - أي من حيث المنهج ومن حيث العلم وكذلك من حيث الجهاد - فإنه ما قامت دعوة التوحيد الصادق إلا ونصرها الله سبحانه وتعالى وأظهرها على جميع الأمة وعلى جميع الأعداء من غير الأمة ، وهذا ببركة ذلك التمسك بالدين كله والإيمان بالكتاب كله وعدم التفريق فيه ، وفي ذلك تصديق قول النبي r : ( لا تزال طائفة من هذه الأمة ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم أو من خذلهم ) وفي إحدى رواياته : ( يجاهدون في سبيل الله ويقاتلون ظاهرين حتى يأتي أمر الله ) . . . فمن خصائص أهل السنة والجماعة هذا الظهور وهذه الغلبة، وامتن الله تبارك وتعالى عليهم بأنهم باقون متصلون غير منقطعين إلى أن يأتي أمر الله - وهو الريح الطيبة التي تقبض أرواح المؤمنين قبيل قيام الساعة فلا يبقى إلا شرار الخلق وعليهم تقوم الساعة - عافانا الله وإياكم من أعمالهم وإن يدركنا ذلك الزمان – فهذا الظهور للحجة والبرهان يصحبه إظهار الله تبارك وتعالى لهم بالنصر والتأييد والتوفيق .
23- الإنتساب إلى رسول اللهr : ومن أعظم ما يميز أهل السنة والجماعة ومن أهم خصائصهم أجلاها ، أنهم منتسبون إلى الرسول r فلو سألت أي طائفة من الطوائف إلى من تنتسبون ومن أول من أظهر أو أنشأ عقيدتكم ؟إلا أخبروك ! إلا أهل السنة والجماعة فانهم يقولون : " هذا ما كان عليه النبي r وأصحابه " . لو نظرنا إلى الخوارج نجد أنهم حدثوا في زمن علي رضي الله تعالى عنه – حين التحكيم حدثت الخوارج – والمرجئة حدثت بعد ذلك ، فلم يكن في الصحابة رضوان الله عليهم خارجي ولا مرجئي – فضلا من أن يكون فيهم رافضي- والرافضة أخطر من الخوارج ومن المرجئة ، وأول من أنشئها رجل زنديق هو عبد الله بن سبا اليهودي .المعتزلة لو سئلوا لقالوا أن عمر بن عبيد هو الذي أسس المنهج ، والتاريخ شاهد بذلك - التاريخ المحايد من أهل السنة وغيرهم -لو نظرنا إلى أهل الكلام نجد أن أصولهم ترجع إلى أصول أهل الاعتزال.
الصوفية يقولون الجنيد سيد الطائفة ، وإذا تعمقوا قليلا قالوا يبتدأ من الحسن البصري - وهذه دعوى منهم- الأشعرية يقولون نحن ننتمي إلى أبى الحسن الأشعري .
وهكذا كل طائفة تنتسب إلى رجل ما ظهر في وقت ما من الأوقات ، ولكن أهل السنة والجماعة لا ينتسبون إلا إلى رسول الله r ، ولهذا لا يقال لهم أن أول من أوجد مذهبهم أو أنشأه أو أسسه فلان ، بل ليس في مذهبهم أي شيء مما أسس وإنما هو مذهب إتباع ولا ابتداع ، فلا يوجد أصل من أصول الدين في مذهب أهل السنة والجماعة إلا وهو مأخوذ من كتاب الله وسنة رسول الله r ، وإن وجد غير ذلك وسمي أصلا فهذا عند أهل البدع ، أما عند أهل السنة والجماعة فهو بدعة محدثة ولا يعتبر من الدين أبدا ، ما دام أنه قد حدث بعد النبي r وبعد أصحابه .
24- يكتفا بهذه الميزات وهي ليست بالطبع كل خصائص أهل السنة والجماعة وإنما هي بعض منها ، ذكرناها في إيجاز وبتركيز شديدين ، والعبرة العظمى التي تهمنا نحن المسلمين هي أن نؤمن بكتاب الله وسنة r على منهج السلف الصالح - أهل السنة والجماعة - ونتمسك بذلك قولا وعملا ونعض عليه بالنواجذ ونعلم أنه لا نجاة للمسلمين ولا خير ولا فلاح في الدنيا ولا في الآخرة إلا بأن يكونوا على هذا المنهج السليم القويم ، ويتمسكوا ويطيعوا قولا وعملا واعتقادا وجهاداً ودعوة ، تماما كما فعل النبي r وأصحابه والسلف الصالح الكرام الذين ثبتوا عند المحنة والذين جددوا الدين ومن أبرزهم الأئمة الأعلام : الإمام أحمد رحمه الله تعالى وشيخ الإسلام ابن تيمية - في العصور الوسطى - ثم شيخ الإسلام المجدد محمد بن عبد الوهاب - رحمه الله تعالى في العصر الأخير - وهم كثير والحمد لله ، فهؤلاء معقود لهم لواء النصر إلى يوم القيامة ، كما بشر النبي r وهم أيضا موعودون بالنجاة يوم القيامة عند الله تعالى كما اخبر بذلك الصادق المصدوق . ونسأل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا وإياكم منهم إنه سميع مجيب
بعض الأسئلة أجابه عليها الشيخ جزاه الله خيراً
(1) توقير أهل البدع : السؤال: هل من مذهب أهل السنة والجماعة أن يكنوا لصوفي أو معتزلي أو أشعري شيئاً من الاحترام أم ينبغي علينا ألا نحترمهم؟
الجواب: روى اللالكائي وغيره بأسانيد صحيحة عن أيوب وغيره من السلف ومن التابعين أنه قال: [[من وقرَّ صاحب بدعة فقد أعان على هدم الإسلام ]]؛ لأن توقير أهل البدع هو رفع لشأن البدعة، وهدم لسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وتقديم بين يدي الله ورسوله، ورفع لصوت أحد من الناس فوق صوت رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وهذا لا يكون أبداً.
(2) منهج أهل السنة في الحكم على الرجال : السؤال: من وقع في بعض البدع مع سعيهم لنشر السنة؛ فهل يعد من أهل السنة أم لا؟ مثل الإمام النووي وابن حجر العسقلاني وغيرهما؟
الجواب: أولاً: نحن مع أننا لا نوقر صاحب البدعة ولا نقدره إلا أننا ننهج معهم منهج السلف الصالح كذلك، فإن أهل السنة والجماعة لا يظلمون أحداً، لا مبتدعاً ولا غير مبتدع، فلو وجد في أهل البدع -كما أشرنا- صاحب جهاد أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر فإن ذلك رغم ما فيه يذكر.
والسلف الصالح يقولون عن عمرو بن عبيد : إنه كان زاهداً، ولم يقولوا عنه: أنه كان مترفاً، وأثبتوا حتى لـمعبد الجهني أنه كان من العباد رغم أنه ابتدع القول بالقدر، فهم لا يظلمون أحداً، ويقولون عن الخوارج : إنهم أصدق الناس -الأولون منهم بالذات- وإنهم لا يكذبون؛ فلم يظلموهم، وعندما قالوا: إن الرافضة أكذب الناس فلم يظلموهم، فنحن لدينا منهج لا يظلم، لأنه من الوصايا العشر التي أوصى الله تبارك وتعالى بها في سورة الأنعام قوله: ( وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى )[الأنعام:152] ويقول الله تعالى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ) [المائدة:8] ويقول في الآية الأخرى: ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ )[النساء:135] فهذه الشهادة لله عز وجل، والقوامة بالقسط أولى الناس بها وبالعدل هم أهل السنة والجماعة .
ثانياً: هل الإمام النووي وابن حجر من أهل البدع حتى نقول: بماذا نحكم عليهما؟ الواقع أننا قد أشرنا إلى شيء من ذلك حين قلنا: إنه يوجد من أهل السنة والجماعة من له ذنوب وأخطاء، فالإمام النووي والإمام ابن حجر رحمهما الله تعالى هما من أهل السنة ، ولكن لهما أخطاء، ومن الذي قال: إن الرجل إذا كان سنياً فإنه معصوم لا يقع في خطأ من الأخطاء في الاعتقادات أو في الأحكام أو في الأعمال؟ لا يقول بذلك أحد من أهل السنة والجماعة . ولكن نقول: قد يكون الرجل من أهل السنة والجماعة ويوافق بعض المبتدعة في أمر من الأمور دون أن يعلم، أو يعلم ولكن يظن أن ذلك هو الحق وأن ذلك لا ينافي كونه من أهل السنة والجماعة فمن لم يضاد السنة ويحادّها بل كان متبعاً لها، ومحكماً لها، ومؤمناً بها، ويسعى جاهداً في ذلك ولكنه أخطأ؛ فإننا نرجو أن يغفر الله له خطأه وتأويله واجتهاده، ولكن لا نأخذ ذلك الخطأ علمياً وإنما نلتمس له العذر. فالإمام النووي وابن حجر هما من أكبر الأعلام المشهورين الذين خدموا سنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، ماكان منهما من أخطاء فنرجو أن يغفرها الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لهما، فهي كالقطرة في بحر ذلك العلم والخدمة لسنة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وليسوا من أهل البدع بل ورد عنهم الذم لأهل البدع، في كتبهم المشهورة المتداولة.
فإذاً: الإنصاف والحق أن نقرأ كتبهم ونعلق على ما فيها من أخطاء، كما فعل سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله تعالى في فتح الباري حيث علق عليه؛ وهذا ينبغي أن يكمل وتكمل فوائد باقي الكتب، وهي كتب عظيمة لا يستغنى عنها، فما فيها من خطأ يعلق عليه ويبين، فلا إجحاف ولا غلو، ولا إفراط ولا تفريط.
(3) ما سبب تألم وتوبة بعض المتكلمين في آخر حياتهم، حتى إن بعضهم تمنى إيماناً كإيمان العجائز؟
الجواب: سببها أن من لم يكن على هدي الله تبارك وتعالى، وعلى سنة الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فلا بد أن يحار وأن يضطرب وأن يتخبط، ولهذا فإن من كانت لديه فطرة سليمة فإنه يعود في آخر عمره كما عاد أبو محمد الجويني ، وكما عاد ابنه أبو المعالي الجويني ، وكما عاد أبو حامد الغزالي ، وكما عاد الفخر الرازي ، وأمثالهم ممن رجع إلى الدين الصحيح وإلى العقيدة السليمة قبيل وفاتهم بزمن قد يطول أو يقصر، وإنما تمنوا دين العجائز لأنه الدين المتلقى بالفطرة، ودين العجائز بالنسبة لما كانوا عليه من علم الكلام نعمة ورحمة. لكن أهل السنة والجماعة لا يتمنون دين العجائز، وإنما يتمنون دين وإيمان الراسخين في العلم، لأن دين العجائز عند أهل السنة والجماعة أدنى مراتب الدين، إذ هو مجرد التسليم أو مجرد علم، لكن ليس هناك حقائق تفصيلية فيه.
(4) ما حقيقة الخلاف بين أهل السنة والجماعة والإمام أبي حنيفة في مسألة الإيمان؟
الجواب: أولاً: ورد عن الإمام أبي حنيفة أنه رجع عن قوله في الإيمان ذكر ذلك ابن عبد البر في التمهيد .
ثانياً: الإمام أبو حنيفة ومن تبعه في مسألة الإيمان الخلاف بينهم وبين السلف لفظي من وجوه، وحقيقي من وجوه، فأما كونه حقيقياً فإن أبا حنيفة وأصحابه يسمون صاحب الكبيرة مؤمناً، ويطلقون عليه كمال الإيمان، وينكرون زيادة الإيمان ونقصانه، وغير ذلك. وأما كون الخلاف لفظياً فإنهم يتفقون مع أهل السنة في الحكم والمآل فيقولون: صاحب الكبيرة معرض للعقوبة ومع هذا فهو تحت المشيئة، وكذلك تارك الأعمال الواجبة مؤاخذ ومعرض للعقوبة، وهو تحت المشيئة. إذاً فالخلاف في المآل والآخرة خلاف لفظي أو صوري.
(5) ما الذي أدى بـغلاة الرافضة إلى تكفير الصحابة رضوان الله عليهم؟
الجواب: الذي أدى بهم إلى ذلك الزندقة، فقد كانوا في زندقة ونفاق، وكانوا يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام -كما كان أولهم عبد الله بن سبأ اليهودي -فهؤلاء كانوا حاقدين على الإسلام الذي هدم مملكة الفرس وقضى عليها، وقضى على اليهود والنصارى، فحقدوا على الإسلام وعجزوا عن أن يقاوموه بالقوة العسكرية فلجأوا إلى النفاق، لأنهم لو جاءوا إلى المسلمين وقالوا: إن القرآن كَذِب، لقاتلهم المسلمون وما قبله منهم أحد، فجاءوا بحيلة أخرى وقالوا: إن الصحابة كاذبون فاجرون، والقرآن جاء عن طريقهم، فإذا كانوا فاجرين أو كافرين أو كاذبين فإن شهادتهم مردودة، وما نقلوه باطل. وبهذه الحيلة يتوصلون إلى هدم الإسلام عن طريق تكفير الصحابة الكرام، ولهذا خرجوا عن سائر فرق الأمة، وتفردوا بما هو معلوم من النفاق والزندقة، والقول بتحريف القرآن، وأن الصحابة كفار، وعدم الاعتراف بالسنة التي نؤمن بها كالصحاح وغيرها من كتب السنة، فتميزوا بكل ذلك، وأصبح لهم منهجهم الخاص الذي خرجوا به عن الجادة، وفي كثير من الأمور عن الملة نسأل الله العفو والعافية.
(6) وجود الخوارج والمرجئة في هذا العصر : السؤال: هل يوجد في هذا الزمن خوارج ومرجئة ؟
الجواب: يوجد في هذا الزمان الذين حكموا العقول والأهواء، وهذا يشمل جميع أهل البدع. وأما الخوارج فإنهم متواجدون، وكذلك يوجد من ينادون بالإرجاء على المستوى العلمي والعملي بدون قصد أو فقه لحقيقة الإرجاء، ويوجد الذين يعالجون الدين بالمنامات والكشوفات وهؤلاء كثرة، والإلحاد والعصرية الحديثة التي جاءت في هذا الزمان والماديات والنتائج الوضعية المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم تدخل تحت هذا أو ذاك، إما أنها مناهج ومذاهب عقلية كـالماركسية مثلاً والشيوعية والقومية فتدخل ضمن مخالفة ومعارضة الدين بالعقل المزعوم، وإما أنها مذاهب روحانية أٍو باطنية ذاتية داخلية كـالوجودية والمذاهب الأدبية الأخرى، فهذه تدخل ضمن معارضة الدين بالتجارب الروحية أو التجارب العاطفية أو الأدبية أو الوجدانية، فمهما تجددت الضلالات فإنها لا تخرج عن هذه المذاهب؛ لكن كان قصدنا بيان تميز أهل السنة عن غيرهم ممن ينتسبون إلى الإسلام وإلى القبلة.
(7) فرق الإسلام : السؤال: هل أهل هذه العقائد من معتزلة وأشاعرة كفار أم مسلمون؟
الجواب: أقول: إنهم متوعدون بالعقوبة والهلاك، وإن هذا الحكم الذي ذكره النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عنهم هو الحكم المجمل، وأما عند التفصيل فمنهم صاحب الهلاك الكلي كـغلاة الشيعة وغلاة الخوارج -مثلاً- فهؤلاء خرجوا من الملة -نسأل الله العفو والعافية- ومنهم من كان أقل من ذلك؛ كمن كان من الشيعة مقتصراً على تفضيل علي على الشيخين مثلاً فهذا لا يخرج من الملة.
وكمن كان لديه شبهة المرتبة الرابعة من مراتب القدر -فقط- وهي مرتبة الخلق مع إثباته للعلم والكتابة والمشيئة، وأمثال ذلك مما قد يقع الإنسان فيه، ولا يكون بذلك خارجاً من الملة، فهذا صاحب كبيرة وهي أكبر من الكبائر العملية، أي أنها أكبر من كبيرة صاحب الزنا والسرقة أو شرب الخمر لأنها كبيرة اعتقادية ، ونسأل الله سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لنا ولكم القبول والتوفيق، إنه سميع مجيب، والحمد لله رب العالمين.
جزى الله الشيخ سفر بن عبدالرحمن الحوالي خير الجزاء ، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين ،،،، الطبعة الثانية في 21 صفر 1430هـ ، وآخر دعونا أن الحمد لله رب العالمين ، والسلام عليكم ورحمة الله ، طباعة الطالب / عبدالله أبوبكر عبدالرحمن باوارث
[1] 1- ( فاطر : 32 ) . 2- ( آل عمران : 110 ) . 3- ( البقرة : 143 ) .
[2] ( الأنبياء : 45 ) .
[4] الإيمان لغة هو التصديق والإقرار والانقياد والطمأنينة ، وشرعاً : قول باللسان واعتقاد بالجنان ، وعمل بالجوارح ، يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية ، هذا هو مذهب السلف الصالح من الصحابة والتابعين وتابعيهم ومن سار على طريقهم ، وهو القول الذي دل عليه القرآن والسنة .
[5] أخذ أهل السنة والجماعة بنصوص الوعيد ونصوص الوعد ، وجمعوا بينها فقالوا : " إنّ مرتكب الكبيرة له حكم في الدنيا وحكم في الآخرة : أما حكمه في الدنيا فإنه مؤمن ناقص الإيمان ، أو يقال : مؤمن بإيمانه فاسق بكبيرته ، ولا يصح أن يعطى اسم الإيمان المطلق ، فإن كان الذنب لا حدّ فيه وتاب منه ، وقبل الله توبته ، أو فيه حدّ وأقيم عليه الحد فهو كفارة له ، وحكمه حكم المسلمين .
وأما في الآخرة : فإن كان لم يتب من هذه الكبيرة فهو تحت مشيئة الله جلّ وعلا إن شاء عفا عنه برحمته وفضله ، وإن شاء عذّبه بعدله ، لأنه يكون مستحقاً للعذاب ، ولكنه لا يكون مستحقاً للخلود في النار ، بل يخرج منها لما معه من الإيمان .
[6] 1- ( الصافات : 96 ) ، 2- ( الزلزلة : 7 – 8 ) ، 3- ( التكوير : 29 ) . 4- ( يس : 26 ) .
[7] ( الأنفال : 17 ) ، ( الليل : 5-8) ,
[8] ( الأنعام : 87 ) .
[9] 1- ( الأنعام : 159 ) . 2- ( الأنعام : 153 ) .
[10] 1- ( المائدة : 14 ) . 2- ( البقرة : 208 ) . 3- ( الشورى : 11 ) .
[11] 1- ( الأنبياء : 90 ) . 2- ( البقرة : 108 ) .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق